وإذا
استعار دابة ليركبها إلى مكان معلوم فأخذ بها في طريق آخر إلى ذلك المكان فعطبت لم يضمن ; لأنه مأذون في الوصول عليها إلى ذلك المكان ، ولم يقيد له طريق ، فلا يكون مخالفا في أي طريق ذهب بعد أن يكون طريقا يسلكه الناس إلى ذلك المكان ، فإن كان طريقا لا يسلكه الناس إلى ذلك المكان فهو ضامن ; لأن مطلق الإذن ينصرف إلى المتعارف . وإن استعارها إلى حمام أعبر فجاوز بها حمام أعبر ، ثم جاء بها إلى حمام أعين أو إلى
الكوفة فعطبت الدابة فهو ضامن لها حتى يردها إلى صاحبها . ( قيل : ) هذا إذا استعارها ذاهبا لا راجعا ، فأما إذا استعارها ذاهبا ، وجائيا فلا ضمان عليه ، وهكذا ذكر في النوادر ; لأنه في الأول لما وصل إلى حمام أعين انتهى العقد ، فإذا جاوز كان غاصبا ، فلا يبرأ إلا بالرد على المالك ، وفي الثاني إنما يضمن بالخلاف ، وهو استعمالها وراء المكان المشروط ، فإذا رجع إلى حمام أعين فقد ارتفع الخلاف ، والعقد قائم بينهما فيكون أمينا ( وقيل : ) الجواب في الفصلين سواء ; لأن يد المستعير يد نفسه . وفي الوديعة إذا خالف ، ثم عاد إلى الوفاق إنما أبرأناه عن الضمان ; لأن يده يد المالك فيجعل في الحكم كما لو رده على المالك ، وهذا لا يوجد هنا فبقي ضامنا كما كان ، وإن عاد إلى مكان العقد ما لم يوصله إلى المالك ، والإجارة في هذا كالعارية ; لأن يد المستأجر يد نفسه أيضا ، فإنه يقبض لمنفعة نفسه ، ورجوعه بضمان الاستحقاق لأجل الغرور الثابت بعقد ضمان لا ; لأن يده يد المالك يوضح الفرق أن
[ ص: 146 ] المستعير والمستأجر يضمنان بالإمساك ، فإنه لو
استعار أو استأجر دابة ليركبها إلى مكان كذا فأمسكها في المصر أياما كان ضامنا فكذلك إذا جاوز المكان المشروط ، فإنما ضمناه بإمساكها في غير الموضع الذي تناوله الإذن ، ولا ينعدم الإمساك إلا بالرد ، فأما المودع يصير ضامنا بالاستعمال لا بالإمساك ، وقد انعدم الاستعمال حين عاد الوفاق . يقول : فإن
أقام صاحبها البينة أنها نفقت تحته في دير عبد الرحمن من ركوبه ، وأقام المستعير شاهدين أنه قد ردها إلى صاحبها أخذت ببينة رب الدابة ; لأنها تثبت سبب تقرر الضمان على الراكب ، وبينة المستعير تنفي ذلك ، والبينات للإثبات .