صفحة جزء
قال : ( رجل صلى على مكان من الأرض قد كان فيه نجاسة فجفت وذهب أثرها جازت صلاته عندنا ) وقال زفر رحمه الله تعالى لا تجزئه ; لأن الشرط طهارة المكان ولم يوجد ، بدليل أن التيمم لا يجوز بهذا الموضع .

( ولنا ) قوله صلى الله عليه وسلم : { أيما أرض جفت فقد زكت } أي طهرت وقال : { زكاة الأرض يبسها } ثم النجاسة تحرقها الشمس وتفرقها الريح وتحول عينها الأرض وينشفها الهواء فلا تبقى عينها بعد تأثير هذه الأشياء فيها فتعود الأرض كما كانت قبل الإصابة ، وقد مر الفرق بين الصلاة والتيمم ، والصحيح من الجواب أنه لا فرق بين موضع تقع عليه الشمس أو لا تقع وبين موضع فيه حشيش نابت أو ليس فيه ; لأن الحشيش تابع للأرض ، فإن أصاب الموضع ماء فابتل أو ألقي من ترابه في ماء قليل ففيه روايتان : إحداهما أنه يعود نجسا كما قبل الجفاف ، والأخرى وهو الأصح أنه لا يتنجس ; لأن بعد الحكم بطهارته لم يوجد إلا إصابة الماء والماء لا ينجس شيئا ، بخلاف ما إذا أصابت النجاسة البساط فذهب أثرها ; لأن النجاسة تتداخل في أجزاء البساط فلا يخرجها إلا الغسل بالماء ، وليس من طبع البساط أن يحول شيئا إلى طبعه ، ومن طبع الأرض تحويل الأشياء إلى طبعها ، فإن الثياب إذا طال مكثها في التراب تصير ترابا ، فإذا تحولت النجاسة إلى طبع الأرض بذهاب أثرها حكمنا بطهارة الموضع لهذا ، وإن كان الأثر باقيا لم تجز الصلاة ; لأن طهور الأثر دليل على بقاء النجاسة .

التالي السابق


الخدمات العلمية