قال : ( وإذا
افترق المتفاوضان فأقام أحدهما البينة أن المال كله كان في يد صاحبه ، وأن قاضي كذا قد قضى بذلك عليه وقسموا المال ، وأنه قضى به بينهما نصفين ، وأقام الآخر البينة بمثل ذلك من ذلك القاضي بعينه أو من غيره . فإن كان ذلك من قاض واحد وعلمنا التاريخ من القضاءين أخذنا بالآخر ، وهو رجوع عن الأول ) ; لأنه عالم بقضاء نفسه ; فإنما يقضي ثانيا بخلاف ما قضى به أولا إذا تبين له الخطأ في القضاء الأول ; فلهذا جعلنا الثاني نقضا للأول ، وهو كما لو تبايعا بألف ، ثم تبايعا بمائة دينار يجعل الثاني نقضا للأول ، وإن لم يعلم التاريخ بينهما ، أو كان القضاء من قاضيين لزم كل واحد منهما القضاء الذي لا نعده عليه ; لأن كل واحد منهما صحيح ظاهر ، وأنه قضى بالحجة ممن له ولاية القضاء فلا يجوز إبطاله بالشك ; إذ ليس أحدهما بالإبطال أولى من الآخر .
( وإذا كان من قاضيين وكل واحد منهما لا يملك نقض قضاء الآخر ولا يقصد ذلك ، إنما يقضي كل واحد منهما بما شهد عنده الشهود به ولا منافاة بينهما ) ; لجواز أن يكون في يد كل واحد منهما بعض مال الشركة ، فظن كل فريق أن ذلك جميع مال الشركة ، فيحاسب كل واحد منهما صاحبه بما عليه ، ويترادان الفضل .