قال : (
رجل سلم ثوبا إلى خياط ليخيطه بنفسه ، وللخياط شريك في الخياطة مفاوضة ; فلصاحب الثوب أن يطالب بالعمل أيهما شاء ما بقيت المفاوضة بينهما ) ; لأن كل واحد منهما بمنزلة صاحبه فيما لزمه ما بقيت الشركة بينهما . ( فإن قيل ) : عمل الخياطة مستحق على من باشر السبب ، والآخر بمنزلة صاحبه الكفيل عنه ، فإذا شرط على الخياط أن يخيط بنفسه ; لم تجز كفالة الغير عنه ; فلا يطالب الكفيل به ; ( قلنا ) : ما بقيت المفاوضة بينهما فهما كشخص واحد ، وكل واحد منهما قائم مقام صاحبه فيما تقتضيه المفاوضة ; لأن المساواة التي هي ركن المفاوضة لا تتحقق إلا به ; فلا تظهر معنى الكفالة قبل الفرقة ، وإنما تظهر بعد الفرقة ، فلا جرم إذا تفرقا أو مات الذي قبض الثوب ; لم يؤاخذ الآخر بالعمل ; لأن الموجب للاتحاد هو الشركة ، وقد انقطعت ، وإنما بقي معنى الكفالة ; فكان الشرط على الخياط ; فلا يطالب الآخر بحكم الكفالة . وإذا مات الذي قبل ; بطل هذا التقبل لفوات المعقود عليه . وهذا نظير ما لو دفع ثوبا إلى الخياط ليخيط بنفسه ، وأخذ منه كفيلا بالخياطة لم يجز ذلك . وإن لم يكن شرط عليه أن يخيط بنفسه ; جازت الكفالة ; لأن الكفالة بمضمون بما تجرى النيابة في إيفائه صحيح ، وبما لا تجرى النيابة في إيفائه باطل . وإذا شرط على الخياط العمل بنفسه هذا لا تجرى النيابة في إيفائه ، وإذا لم يشترط ذلك عليه ، فهذا تجرى النيابة في إيفائه ; فتصح الكفالة . وبعد صحتها : إذا مات الخياط ; برئ الكفيل ; لأن الإجارة قد انقطعت بموت الخياط ، وبراءة الأصيل توجب براءة الكفيل . وكذلك هذا في كراء الإبل ، إذا مات الجمال ; برئ الكفيل ; لأن الإجارة قد انقطعت بموته .