قال ( ولا يجعل
القيم من الأجانب ما وجد من أهل بيت الموقف وولده من يصلح لذلك ) ; لأنه لو لم يذكر هذا الشرط كان للقاضي أن ينصب أجنبيا إذا رأى المصلحة في ذلك ومقصود الواقف أن يكون ذلك في أهل بيته وولده إما ليكون الوقف منسوبا إليه ظاهرا ، أو ; لأن ولده أشفق على وقف أبيه من غيره ويذكر هذا في الكتاب ليتحرز القاضي عن خلاف شرطه .
قال ( وإن لم يجد فيهم من يصلح له فجعله إلى أجنبي ، ثم صار فيهم من يصلح لذلك صرفه إليه ) ; لأنه بدون الشرط لا يستحق على القاضي أن يفعل ذلك والانتهاء لا يعتبر بالابتداء في بعض الأحكام ألا ترى أن العدة تمنع ابتداء النكاح ، ولا تمنع البقاء والإباق في المبيع كذلك . فإذا ذكر هذا في كتابه وجب علي القاضي ، مراعاة شرطه لقوله تعالى {
فإنما إثمه على الذين يبدلونه } وكونه في يد ولده إذا كان يصلح لذلك أنفع ، وإن خاف أن يبطل بعض القضاة وقفه ونقضه فأحب إلي أن يتحرز من ذلك .
وفيه طريقان ( أحدهما ) أن يكتب في صكه ، وإن أبطله قاض ، أو غيره بوجه من الوجوه فهذه الأرض بأصلها وجميع ما فيها وصية من مال فلان تباع فيتصدق بثمنها على من سمينا في كتابنا ، وهذا ; لأن القاضي إنما يبطل عند
[ ص: 45 ] خصومة وارث ، أو غريم لاتصال المنفعة إليه ، وذلك ينعدم بما يذكره الموقف فلا يشتغل أحد بإبطاله والوصية تحتمل التعليق بالشرط فإنها في الأصل إثبات الخلافة بعد الموت والتعليق بالشرط يليق به .
( والوجه الثاني أن الموقف بعد إتمام الوقف بالتسليم إلى المتولي يخاصم فيه إلى قاض يرى إجازته ويطلب منه إبطاله حتى يقضي القاضي بإجازته فينفذ قضاؤه ) ; لأنه قضى عن اجتهاد في مجلسه ، وليس لأحد بعد ذلك إبطاله فإما أن يكون إجازته في نسخة على حدة ويشهد الشهود على ذلك ويكتب ذلك في آخر صك الوقف ، والذي جرى الرسم به الآن أنهم يكتبون إقرار الواقف بذلك والمقصود لا يحصل فإقراره لا يكون حجة في حق الذي يرى إبطاله وربما يكتبون ، وقد رفع هذا إلى قاض من القضاة . وهذا كذب إن لم يكن رفع إلى أحد ، ولا رخصة في الكذب .
والمقصود لا يتم به أيضا فربما يذهب اجتهاد قاض إلى أن القضاء والإجارة من المجهول لا تعتبر فإنما يتم المقصود بما ذكرنا .