قال : ( وإذا
أسلم عشرة دراهم في ثوبين أحدهما هروي والآخر مروي فما لم تتبين حصة كل واحد منهما من رأس المال لا يجوز العقد ) عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة كما في الحنطة والشعير لأن الانقسام باعتبار القيمة وطريق معرفته الحرز فلا يتيقن بحصة كل واحد من الثوبين إلا بالقسمة وإن كانا موصوفين بصفة واحدة ففي القياس كذلك لأن الثياب
[ ص: 150 ] ليست من ذوات الأمثال والانقسام على الثوبين باعتبار القيمة كما لو اشتراهما عينا .
وفي الاستحسان يجوز لأن الموصوفين بصفة واحدة لا يتفاوتان في الظاهر في المالية ما داما في الذمة والانقسام حال كونهما في الذمة فحصة كل واحد منهما نصف رأس المال بيقين فيجوز العقد من غير إعلام حصة كل واحد منهما كما لو
أسلم عشرة في كرين من حنطة بخلاف ما لو اشتراهما عينا فإنهما يتفاوتان في المالية إذا كانا عينين فلهذا كان انقسام الثمن عليهما باعتبار القيمة فإن قبض الثوبين في السلم ثم أراد أن يبيع أحدهما مرابحة على خمسة دراهم فليس له ذلك عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة إلا أن يبين وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله لا بأس بذلك لأن حصة كل واحد منهما من رأس المال معلومة بيقين فبيعه مرابحة على ذلك كالكرين وبيانه ما ذكرنا أن الثمن بمقابلة ما تناوله العقد ولا تفاوت في ذلك ولهذا جاز العقد عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة والدليل عليه أنهما لو تقايلا السلم في أحدهما يرد من رأس المال خمسة ولو وجد بأحدهما عيبا فرده يرده بخمسة فعرفنا أن حصة كل واحد منهما خمسة بيقين فكأنه سمى ذلك في العقد
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقول اشترى الثوبين بثمن واحد فلا يبيع أحدهما مرابحة كما لو اشتراهما عينا بخلاف الكرين فإن هناك لو اشتراهما عينا كان له أن يبيع أحدهما مرابحة وبيان الوصف أن رب السلم مشتر والمسلم فيه مبيع فإذا قبض المسلم فيه كان المقبوض عين ما تناوله العقد لا غيره لأنه إن جعل غيره كان استبدالا بالمسلم فيه وذلك لا يجوز فمن هذا الوجه جعل كأنه عين ما تناوله العقد فأما في الحقيقة هو غيره لأن العقد يتناول دينا في الذمة والعين غير الدين فباعتبار هذه الحقيقة لم يكن المقبوض عين ما تناوله العقد فلا بد من طريق يجعل بذلك الطريق كأنه عين المعقود عليه وذلك الطريق لن يجعل عند القبض كأنهما جددا ذلك العقد على المقبوض وهو معنى قول المتقدمين رحمهم الله للقبض في باب السلم حكم عقد جديد .
والدليل عليه ما قاله في الزيادات لو
أسلم إلى رجل مائة درهم في كر حنطة ثم اشترى المسلم إليه من رب السلم كر حنطة بمائتي درهم إلى سنة وقبضه فلما حل الطعام في السلم أعطاه ذلك الكر لم يجز لأنه اشترى ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن وإنما يكون ذلك إذا جعلا عند القبض كأنهما جددا العقد عليه وإذا تقرر هذا فهو وما لو اشتراهما عينا بثمن واحد سواء وقال : في السير الكبير لو
أحرز المشركون كر الرجل من المسلمين بدراهم فدخل إليهم مسلم وأسلم إليهم مائة درهم في كر حنطة فأعطوه ذلك الكر فأخرجه فلا سبيل للمالك القديم عليه لأنه أخذه عوضا عن الكر الذي له في ذمتهم فلو
[ ص: 151 ] أخذه المالك القديم أخذه بمثله وذلك غير مفيد وفي السلم عند القبض يصير كالمجدد للعقد على ذلك الكر بالمائة فيأخذه المالك القديم بذلك ثم أكثر ما في الباب أن يثبت شبهة تجديد العقد بينهما وإن لم يثبت الحقيقة والشبهة في بيع المرابحة بمنزلة الحقيقة ألا ترى أنه لو
اشترى شيئا بثمن مؤجل لا يبيعه مرابحة من غير بيان لشبهة الزيادة بسبب الأجل ولو
أخذ عينا صلحا من دين له على إنسان لا يبيعه مرابحة على ذلك الدين لشبهة الحط بسبب الصلح والذي يوضح كلام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أن الثوبين الموصوفين لا يتفاوتان في الذمة ويتفاوتان بعد التعيين ألا ترى أنه لو قبضهما وباع أحدهما من إنسان ثم استهلك ذلك الثوب على المشتري لا يجب عليه تسليم الثوب الآخر وإنما يجب قيمة المستهلك فدل أنهما لا يتماثلان عينا فجاز العقد في الابتداء في الدين وكذلك الإقالة في أحدهما وأما بيع المرابحة لا يكون إلا بعد التعيين فيعتبر التفاوت في حكم بيع المرابحة فلا يبيع أحدهما مرابحة من غير بيان ولا بأس بأن يبيعهما مرابحة على غيره لأن ثمنهما مسمى معلوم كما لو اشتراهما عينا .