قال : ( ولو كان
الإمام لم يقرأ في الأوليين ثم اقتدى به إنسان في الأخريين فقرأ الإمام فيهما ثم قام المسبوق إلى قضاء ما سبق به فعليه القراءة ، وإن ترك ذلك لم تجزئه صلاته ) ; لأن الإمام قضى في الأخريين ما فاته من القراءة في الأوليين ، والفائت إذا قضي التحق بمحله ، فكأنه قرأ في الأوليين ما فاته من القراءة فلهذا يجب على المسبوق القراءة أيضا ، بخلاف المقيم خلف المسافر ، فإن القراءة من الإمام في الأوليين كانت أداء ، والمقيم شريكه فيهما ، وكذلك إذا كان المسبوق قرأ خلف الإمام فيما صلى معه فعليه القراءة فيما يقضي ; لأن قراءته فيما هو مقتد فيه مكروه غير معتد بها ، فلا يتأدى بها فرض القراءة في حقه .
قال : ( وإذا
قام المسبوق إلى قضاء ما عليه بعدما تشهد الإمام قبل أن يسلم فقضاه أجزأه ) ; لأن قيامه حصل بعد فراغ الإمام من أركان الصلاة ولكنه مسيء في ترك الانتظار لسلام الإمام ، فإن أوان قيامه للقضاء ما بعد خروج الإمام من الصلاة ، فإن قام إليه وقضى قبل أن يقعد الإمام قدر التشهد لم يجزه ; لأن قيامه كان قبل أوانه ، فإن الإمام لم يفرغ من أركان الصلاة بعد ; لأن القعدة من أركانها . ثم فسر هذه المسألة في نوادر
أبي سليمان فقال : إن كان مسبوقا بركعة أو ركعتين ، فإن قرأ بعد فراغ الإمام من التشهد مقدار ما يتأدى به فرض القراءة جازت صلاته وإلا فلا ; لأن قيامه وقراءته غير معتد بهما ما لم يفرغ الإمام من التشهد ، ويجعل هو في الحكم كالقاعد معه ; لأن ذلك مستحق عليه ، فإنما تعتبر قراءته بعد فراغ الإمام من التشهد ، وإن كان مسبوقا بثلاث ركعات ، فإن لم يركع حتى فرغ الإمام من التشهد ثم ركع وقرأ في الركعتين بعد هذه جازت صلاته ، وإن كان ركع قبل فراغ الإمام من التشهد لم تجزه صلاته ; لأن القيام فرض في كل ركعة فلا يعتد بقيامه ما لم يفرغ الإمام من التشهد ففرض القراءة هو الركعتان ، فإذا فرغ الإمام من التشهد قبل أن يركع هو فقد وجد القيام في هذه الركعة والقراءة في الركعتين بعده فتجوز صلاته ، وإن كان ركع قبل فراغ الإمام من التشهد فلم يوجد منه قيام معتد به في هذه الركعة فلهذا فسدت صلاته ، وإن كان قام بعد ما تشهد الإمام وعليه سجود السهو فقرأ وركع فإنه يرفض ذلك ويخر فيسجد مع الإمام ; لأنه لم يستحكم انفراده بأداء ما دون الركعة ، فعليه أن يعود إلى متابعة الإمام ثم يقوم للقضاء ، ولا يعتد بما كان يصنع ; لأنه صار رافضا لها بالعود إلى المتابعة ، فإن لم يعد إلى المتابعة جازت صلاته ويسجد للسهو في آخر صلاته استحسانا .
قال : ( وإن كان
ركع وسجد ثم عاد [ ص: 231 ] الإمام إلى سجود السهو لم يعد إلى متابعته ) ; لأنه قد استحكم انفراده بأداء ركعة كاملة ، وإن عاد إلى متابعته فسدت صلاته ; لأنه اقتدى في موضع كان عليه الانفراد في ذلك الموضع ، وهذه ثلاث فصول أحدها في السهو وقد بيناه والثاني في الصلاتية إذا
تذكر الإمام سجدة صلاتية بعدما قام المسبوق إلى القضاء ، فإن لم يكن قيد الركعة بالسجدة عاد إلى متابعة الإمام فيها وسجد ، وإن لم يفعل فصلاته فاسدة ، وإن كان قيد ركعته بالسجدة فصلاته فاسدة عاد إلى المتابعة أو لم يعد ; لأن الصلاتية من أركان الصلاة ، ألا ترى أن الإمام لو لم يأت بها كانت صلاته فاسدة فكذلك إذا لم يتابعه المسبوق بها ، وبعد إكمال الركعة هو عاجز عن المتابعة ، والثالث إذا
تذكر الإمام سجدة التلاوة ، فإن كان المسبوق لم يقيد ركعته بالسجدة فعليه أن يعود إلى متابعة الإمام ، وإن لم يفعل فصلاته فاسدة ; لأن عود الإمام إلى سجدة التلاوة يرفع القعدة ، بدليل أنه لو لم يقعد بعدها لم تجز صلاته ، والقعدة من أركانها كالصلاتية ، وإن كان المسبوق قيد ركعته بالسجدة قبل أن يعود الإمام إلى سجدة التلاوة ثم عاد الإمام ، فإن تابعه المسبوق فصلاته فاسدة رواية واحدة ، وإن لم يتابعه ففيه روايتان قال في الأصل : صلاته فاسدة أيضا ; لأن عود الإمام إلى سجدة التلاوة ينقض القعدة ، وهو والصلاتية سواء ، وفي نوادر
أبي سليمان لا تفسد صلاته ; لأنه لو ترك تلك القعدة جازت صلاته بخلاف الصلاتية . وفقه هذا أن قعوده كان معتدا به ، وإنما انتقض في حقه بالعود إلى سجدة التلاوة ، وذلك بعدما استحكم انفراد المسبوق عنه فلا يتعدى حكمه ، ألا ترى أن
إماما لو صلى بقوم ثم ارتد بطلت صلاته ولا تبطل صلاة القوم ، وكذلك لو
صلى الظهر بقوم يوم الجمعة ثم راح إلى الجمعة فأدركها انقلب المؤدى في حقه تطوعا وبقي فرضا في حق القوم .