ولا يجوز
الأجل في القرض معناه : أنه لو أجله عند الإقراض مدة معلومة ، أو بعد الإقراض لا يثبت الأجل ، وله أن يطالبه به في الحال ، وعند مالك يثبت الأجل في القرض ; لأنه دين لا يستحق قبضه في المجلس فيجوز التأجيل فيه كالثمن والأجرة ، يدل عليه أن التأجيل إسقاط المطالبة إلى مدة ، وإسقاط المطالبة ببدل القرض لا إلى غاية بالإبراء صحيح ، فالتأجيل فيه أولى أن يصح ، ولنا فيه طريقان : أحدهما : أن المقرض متبرع ; ولهذا لا يصح الإقراض ممن لا يملك التبرع كالعبد ، والمكاتب فلو لزم الأجل فيه لصار التبرع ملزما المتبرع شيئا ، وهو الكف عن المطالبة إلى مضي الأجل ، وذلك يناقض موضوع التبرع ، وشرط ما يناقض موضوع العقد به لا يصح ، وكذلك إلحاقه به لا يصح ; فلهذا لا يلزم الأجل ، وإن ذكر بعد العقد . والثاني : أن القرض بمنزلة العارية على ما قررنا ، والتوقيت في العارية لا يلزم حتى إن
[ ص: 34 ] المعير ، وإن وقته سنة فله أن يسترده من ساعته ، فكذلك الأجل في القرض ، وبه يتبين الجواب عن قوله هو دين ; لأن بدل القرض في الحكم عين المقبوض ; إذ لو جعل دينا على الحقيقة كان بدلا عن المقبوض في الحكم ، فيكون مبادلة الشيء بجنسه نسيئة ، وهذا بخلاف الإبراء ; لأنه بالإبراء يزيل ملكه ، وإزالة الملك بالتبرع صحيح . فأما بالقرض فلا يزيل ملكه فلو لزم الأجل فيه لكان يلزمه الكف عن المطالبة بملكه إلى مضي الأجل ، وهو مخالف لموضوع التبرع .