وإذا
باع المريض ألف درهم بدينار ، وتقابضا ، ثم مات المريض والدينار عنده ، ولا مال له غير ذلك فللورثة أن يردوا ما زاد على الثلث ; لأن المحاباة في المرض تبرع بماله بمنزلة الوصية ، فإنما يجوز من ثلثه ، ولا يزيد على الثلث فيبطل ذلك إذا لم تجز الورثة ، ثم يتخير المشتري ، فإن شاء أخذ ثلث الألف كاملا بطريق الوصية ، وما بقي قيمة الدينار بطريق المعاوضة ; لأن الدينار في يد الورثة ، ويرد عليهم ما بقي من الألف ، وإن شاء أخذ ديناره ، ويرد ألفا ; لأنه ما رضي أن يتملك عليه ديناره حتى يسلم له جميع الألف ، ولم يسلم ، وإذا اختار أخذ ديناره ، فلا شيء له من الألف بطريق الوصية ; لأن الوصية بالمحاباة كانت في ضمن عقد الصرف ، وقد بطل العقد فيبطل به ما في قيمته أيضا ، وإن كان المريض قد استهلك الدينار ، كان للمشتري أن يأخذ قيمة الدينار من الألف بجهة المعاوضة ، وثلث ما بقي من الألف بطريق الوصية ولم يجزه هنا ; لأن الدينار مستهلك ، فلا فائدة في إثبات الخيار له ; لأنه لا يعود إليه ما خرج من ملكه بعينه ، وكذلك لم يعطه بالوصية ثلث الألف كاملا ، هنا بخلاف الأول ; لأن هناك الدينار مستهلك فلو أعطيناه بالوصية ثلث الألف كاملا ، لا يسلم للورثة ضعف ذلك ، فلهذا قال : يأخذ قيمة الدينار من الألف أولا ، ثم له بالوصية ثلث ما بقي
وكذلك إذا
باع المريض سيفا قيمته مائة درهم ، وفيه من الفضة مائة درهم ، وقيمة ذلك كله عشرون دينارا بدينار ، وتقابضا فأبت الورثة أن يجيزوا كان للمشتري الخيار ، إن شاء أخذ قدر قيمة الدينار من السيف ، وحليته ، وثلث السيف تاما بعد ذلك ، وإن شاء رد كله ، وأخذ ديناره ; لأن المريض حاباه بأكثر من ثلث ماله ، وهذا ، وما سبق في التخريج سواء ، وما تختص به هذه المسألة قيمة الدينار له من السيف ، والحلية جميعا ; لأن الكل كشيء واحد ، لا يتأتى إثبات المعاوضة في أحدهما دون الآخر ، وإن كان المريض قد استهلك الدينار كان المشتري بالخيار هنا ، إن شاء أخذ دينارا مثل ديناره ورد البيع ، فيكون ذلك دينا في تركة الميت ، ويباع السيف حتى ينقد الدينار ، وإن شاء كان له من السيف ، وحليته قيمة الدينار ، وثلث ما بقي ; لأن السيف مما يضره التبعيض ، فيثبت الخيار لما لحقه من عيب التبعيض ، وإن كان الدينار مستهلكا ; لأن المعقود عليه ، وهو السيف قائم ، يمكن
[ ص: 75 ] فسخ العقد فيه بخلاف الأول ; فالتبعيض في الألف الأول ليس بعيب ; فلهذا لم يجعل له الخيار بعد ما استهلك الدينار ، وإن كان المشتري أيضا قد استهلك ما قبضه ، جاز له منه قيمة الدينار ، وثلث الباقي ، وغرم ثلثي الباقي للورثة ; لأن فسخ العقد تعذر باستهلاك المعقود عليه ، فعليه ضمان حصة الورثة من ذلك ، وهو قيمة ثلثي ; الباقي وغرم ثلثي الباقي بعد قيمة الدينار ; لأنه لو كان قائما كان لهم حق استرداد ذلك منه ; فإذا كان مستهلكا ، فهو غارم قيمة ذلك لهم .