وإذا
استأجر فامي من رجل بيتا فباع فيه زمانا ، ثم خرج منه واختلفا فيما فيه من الأواني والرفوف والتحاتح التي قد بنى عليه البناء فقال المستأجر أنا أحدثتها وقال رب البيت كانت فيه حين أجرته فالقول قول المستأجر لأن الظاهر شاهد له فهو الذي يتخذ ذلك عادة لحاجته إليه فرب البيت مستغن عن ذلك ; فإنه يبني البيت ليؤاجره ممن يستأجر منه ، ثم كل عامل يتخذ فيه ما يكون من أداة عمله ، وعند المنازعة القول قول من يشهد له الظاهر ولأن هذه الأشياء موضوعة في البيت وفي الموضوع القول قول المستأجر كسائر الأمتعة وكذلك
الطحان إذا خرج من البيت فأراد أن يأخذ من متاع الرحى وما تحتها من بنائها وخشبها التي فيها وأسطواناتها فذلك كله للطحان ; لأنه من أداء عمله ، وكذلك القصاب والقلاء والحداد وما أشبهه من الأوعية والأداة التي تكون للصانع ، ولو
استأجر أرضا ليطبخ فيها الآجر والفخار ، ثم اختلفا في الأتون التي يطبخ فيها الآجر ففي القياس القول قول رب الأرض ; لأنه بناء كسائر الأبنية وفي البناء القول قول رب الأرض لأنه تبع لأرضه وفي الاستحسان القول قول المستأجر قال : لأني رأيت المستأجر هو الذي بنى وإنما يبنى الحكم على ما يعرف عند المنازعة
[ ص: 143 ] ثم هذا البناء لحاجة المستأجر ليس لحاجة رب الأرض بخلاف سائر الأبنية .
( ألا ترى ) أن كل عامل من هذا الجنس يبني الأتون على الوجه الذي يتخذه أهل صنعته ، ولو اختلفا في بناء سوى ما ذكرنا أو في باب أو خشبة أدخلت السقف فالقول قول رب الدار أنه أجرها وهي كذلك ، وكذلك الآجر المفروش والغلق والميزاب فالظاهر أن رب الدار هو الذي يتخذ ذلك ; لأن الساكن به يتمكن من السكنى في الدار وعلى رب الدار تمكين المستأجر من الانتفاع فهو الذي يحدث ما به ليتم تمكنه من الانتفاع به ، وما كان في الدار من لبن موضوع أو آجر أو جص أو جذع أو باب موضوع فهو للمستأجر ; لأنه بمنزلة المتاع الموضوع غير مركب في البناء ولا هو تبع للأرض والبناء ، فإن أقاما البينة ففي كل شيء جعلنا القول فيه قول المستأجر فالبينة بينة رب الدار ; لأنها مثبتة لحقه .