وإذا
تكارى من رجل دابة شهرا بعشرة دراهم على أنه متى ما بدا له من ليل أو نهار حاجة ركبها لا يمنعه منها فإن كان سمى
بالكوفة ناحية من نواحيها فهو جائز ، وإن لم يكن سمى مكانا فالإجارة فاسدة ; لأن المعقود عليه لا يصير معلوما ببيان المدة إذا لم يكن الركوب مستغرقا بجميع المدة وإنما يصير معلوما ببيان المكان فما لم يبين ذلك لا يجوز ، وإن
تكاراها يوما يقضي حوائجه في المصر فهو جائز ; لأن الركوب هنا مستدام في المدة المذكورة ولأن نواحي المصر في حكم مكان واحد ; ولهذا جاز عقد السلم إذا شرط الإيفاء في المصر وأن يبين موضعا منه فإذا كان نواحي المصر كمكان واحد كان له أن يركب إلى أي نواحي المصر شاء وإلى الجنازة ونحوها ; لأن المقابر من فناء المصر وليس له أن يسافر عليها ; لأنه
[ ص: 176 ] استأجرها للركوب في المصر ، وإن
تكاراها إلى واسط يعلفها ذاهبا وجائيا فركبها حتى أتى واسط فلما رجع حمل عليها رجلا معه فعطبت فعليه أجر مثلها في الذهاب ; لأن الاستئجار بعلفها فاسد لجهالة الأجر وقد استوفى منفعتها بعقد فاسد فعليه أجر مثلها في الذهاب ونصف أجر مثلها في الرجوع ; لأنه استوفى في الرجوع منفعة نصفها وهو ما شغلها بركوب نفسه فلذلك يلزمه نصف أجر المثل وقد ذكر قبل هذا في الإجارة الصحيحة أنه إذا ركبها وأردف فعليه جميع المسمى ومن أصحابنا رحمه الله من يقول : لأن في الإجارة الصحيحة يجب الأجر بمجرد التمكن وفي الفاسد لا يجب الأجر إلا باستيفاء المنفعة ولهذا يلزمه بقدر ما استوفى .
( قال : ) رضي الله عنه وهذا ليس بقوي عندي في الموضعين جميعا فبالتمكن من الاستيفاء يوجب أجر المثل وفي العقد الصحيح لا يعتبر التمكن فيما شغله بركوب غيره ولكن الصحيح أنه لا فرق في الحقيقة إنما يجب أجر المثل بحسب ما استوفى من المنفعة فيتضاعف أجر مثلها إذا أردف فإذا أوجبنا عليه نصف أجر مثلها فقد أوجبنا من أجر المثل جميع ما يخص ركوبه ، وكذلك عند صحة العقد فإن جميع المسمى هناك بمقابلة ركوبه فهو نظير نصف أجر المثل هنا ، ثم يكون ضامنا نصف قيمة الدابة ، وإن حمل عليها متاعا معه فهو ضامن بقدر ما زاد ; لأنه مخالف له في ذلك ويحسب ما علفها به لأنه علفها بإذن صاحبها فيستوجب الرجوع به عليه ويكون قصاصا بما استوجب عليه صاحبها من الأجر .