وإذا
حجم الحجام بأجر ، أو بزغ البيطار ، أو حقن الحاقن بأجر حرا ، أو عبدا بأمره أو بطأ قرحه فمات من ذلك فلا ضمان
[ ص: 11 ] عليه بخلاف القصار إذا دق فخرق ; لأن المستحق عليه هناك العمل السليم عن العيب ، وذلك في مقدور البشر يصح التزامه بالعقد وهنا المستحق عليه عمل معلوم بجده لا عمل غير ساري ; لأن ذلك ليس في مقدور البشر فالجرح فتح باب الروح والبرء بعده بقوة الطبيعة على دفع أثر الجراحة ، وليس ذلك في مقدور البشر فلا يجوز التزامه بعقد المعاوضة ، وإنما الذي في وسعه إقامة العمل بجده ، وقد أتى به فلا يضمن إلا أن يخالف لمجاوزة الحد أو يفعل بغير أمره فيكون ضامنا حينئذ ، توضيح الفرق أن السراية لا تقترن بالجرح ، ولكنه يكون بعدها بزمان ضعف الطبيعة عن دفع أثر الجراحة وتوالي الآلام على المجروح .
وهذا كله بعد أن يصير العمل مسلما إلى صاحبه ويخرج من ضمان العمل . فأما بخرق الثوب يكون مقترنا بالدق قبل أن يخرج العمل من ضمان القصار ; فلهذا كان ضامنا لما يتلف بعمله ; لأن عمله مضمون بما يقابله من البدل ، ولو وطئا الأجير الخاص للقصار على الثوب مما لا يوطأ عليه في دقه فكان الضمان عليه خاصة ; لأنه غير مأذون من جهة الأستاذ في الوطء على هذا الثوب فكان متعديا فيما صنع ، وإن كان مما يوطأ عليه فلا ضمان عليه ; لأنه مأذون في الوطء عليه فيكون فعله كفعل الأستاذ ، وإن كان الثوب وديعة عند القصار فالأجير ضامن ، وإن كان ذلك مما يوطأ عليه ; لأنه غير مأذون في بسطه والوطء عليه من جهة الأستاذ فإنه إنما أذن له في العمل في بيان القصارة دون ودائع الناس عنده .