صفحة جزء
وإذا سلم الرجل عبده أو أمته إلى مكتب ، أو عمل آخر فضربه الأستاذ فهو ضامن لما أصابه من ذلك ، وإن أذن له في ذلك فلا ضمان عليه ; لأن فعله بإذنه كفعل المولى بنفسه فلا يكون تعديا منه وفعله بغير أمره يكون تعديا منه وفرق أبو يوسف ومحمد رحمهما الله بين هذا وبين ما إذا ضرب الدابة التي استأجرها ضربا معتادا فقالا الضرب معتاد هناك عند السير متعارف فيجعل كالمأذون فيه وهنا الضرب عند التعليم غير متعارف ، وإنما الضرب عند سوء الأدب يكون ذلك ليس من التعليم في شيء فالعقد المعقود على التعليم لا يثبت الإذن في الضرب ; فلهذا يكون ضامنا إلا أن يأذن له فيه نصا ، وكذلك إن سلم ابنه في عمل إلى رجل فإن ضربه بغير إذن الأب فلا إشكال في أنه يكون ضامنا ، وإن ضربه بإذن الأب فلا ضمان عليه في ذلك ; لأنه غير متعدي في ضربه بإذن الأب ، ولو كان الأب هو الذي ضربه بنفسه فمات كان ضامنا في قول أبي حنيفة رحمه الله ولا ضمان عليه في قول أبو يوسف ومحمد رحمهما الله وهما يدعيان المناقضة على أبي حنيفة رحمه الله في هذه المسألة فيقولان إذا كان الأستاذ لا يضمن باعتبار إذن الأب فكيف يكون الأب ضامنا إذا ضربه بنفسه ، ولكن أبو حنيفة رحمه الله يقول ضرب الأستاذ لمنفعة الصبي لا لمنفعة نفسه فلا يوجب الضمان عليه إذا كان يأذن وليه .

فأما ضرب الأب إياه لمنفعة نفسه فإنه بغير سوء أدب ولده فيتقيد بشرط السلامة كضرب الزوج زوجته لما كان لمنفعة نفسه يقيد بشرط السلامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية