صفحة جزء
ولو أسرج المستأجر في الفسطاط أو في الخيمة حتى اسود من الدخان ، أو احترق أو علق فيه قنديلا فإن كان صنع كما يصنع الناس فلا ضمان عليه ، وإن كان تعدى فيه ، أو اتخذه مطبخا ، أو أوقد فيه نارا حتى صار بمنزلة المطبخ من [ ص: 26 ] السواد فهو ضامن لما أفسد ; لأن بمطلق العقد يثبت له حق استيفاء المنفعة على الوجه المتعارف . فإذا لم يجاوز ذلك لا يكون ضامنا ، وهذا ; لأن الفسطاط من المساكن وإدخال السراج والقنديل وإيقاد النار في المسكن متعارف لا بد للساكن منه ، ولكن إذا جاوز الحد المتعارف فهو متعدي فيما صنع فيكون ضامنا لما أفسد وكان عليه الكراء إذا كان ما بقي منه شيئا ينافي السكنى فيه فإن كان دون ذلك فلا كراء عليه منذ يوم لزمه الضمان لانعدام تمكنه من الانتفاع به في بقية المدة ، وإن اشترط عليه صاحبه أن لا يوقد فيه ولا يسرج فليس له أن يوقد فيه ولا يسرج ; لأن هذا أضر من السكنى فيه من غير إسراج ، وقد استثناه صاحبه بالشرط والتقييد متى كان مفيدا فهو معتبر فإن فعل ذلك ضمن ; لأنه جاوز ما استحقه بالعقد وعليه الأجر ; لأنه استوفى المعقود عليه ، وإنما ضمن باعتبار الزيادة فلا يمنع ذلك تقرر الأجر باستيفاء المعقود عليه كالمستأجر للدابة إلى مكان إذا جاوز . وإذا استأجر قبة تركية بالكوفة كل شهر بأجر معلوم ليستوقد فيها ويبيت فهو جائز ولا ضمان عليه إن احترقت من الوقود ; لأن الإيقاد فيها معتاد فلا يكون هو متعديا بالإيقاد فيها فإن بات فيها عبده ، أو ضيفه فلا ضمان ; لأنها من المساكن ، وقد بينا أن له أن يسكن ضيفه وعبده فيما سكن فيه هو ، وهذا ; لأنه لا ضرر على القبة بكثرة من يسكنها .

التالي السابق


الخدمات العلمية