ثم قال : وعليك بالصلح بين الناس ما لم يستبن لك فصل القضاء ، وفيه دليل أن
القاضي مندوب إليه أن يدعو الخصم إلى الصلح خصوصا في موضع اشتباه الأمر ، وبه كان يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81185ردوا الخصوم كي يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن } وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16099شريح رحمه الله أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه كتب إليه أن لا يشار ولا يضار ولا يبيع ولا يبتاع في مجلس القضاء ولا ترتشي ولا تقضي بين اثنين وأنت غضبان
أما قوله لا يشار منهم من يروي بالشين قالوا المراد المشورة أنه
لا ينبغي للقاضي في مجلس القضاء أن يشتغل بالمشورة وليكن ذلك في مجلس آخر فإنه إذا اشتغل بالمشورة في مجلس القضاء ربما يشتبه طريق الفصل عليه وربما يظن جاهل أنه لا يعرف حتى يسأل غيره فيزدري به ، وقد وقع مثل هذا
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر رضي الله عنه في حادثة بيناها في المناسك والأظهر بالشين لا يشار معناه لا يشار أحد الخصمين ; لأن ذلك يكسر قلب الخصم الآخر ويلحق به تهمة الميل من حيث إن خصمه يظن أنه فيما يشار بصابعه على رشوة ولذلك لا يشار غير الخصمين في مجلس القضاء ; لأن مجلس القضاء يجمع الناس ومشارة الاثنين في مثل هذا المجلس تؤدي إلى فتنة الآخرين قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81186إذا كان القوم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه } وقوله لا يضار من الضرر أي لا يقصد الإضرار بالخصوم في تأخير الخروج ولا ينغص الخصوم في استعجاله ليعجز عن إقامته حجته ، وفي رفع الصوت عليه أو في أخذه يسقط من كلامه إن زل فلمجالس القضاء من المهابة والحشمة ما يعجز كل
[ ص: 67 ] أحد عن مراعاة جميع الحدود في الكلام . فإذا لم يعرض القاضي عن بعض ما يسمع كان ذلك منه مضارة والقاضي منهي عن ذلك ، وفيه دليل على أنه
لا يشتغل بالبيع والشراء في مجلس القضاء ; لأن بذلك ينقص حشمة مجلس القضاء ، ولأنه مجلس إظهار الحق وبيان أحكام الدين فلا ينبغي أن يخلط به شيئا من عمل الدنيا وقوله لا يرتشي المراد
الرشوة في الحكم وهو حرام قال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14258الراشي والمرتشي في النار } ولما قيل
nindex.php?page=showalam&ids=10لابن مسعود رضي الله عنه الرشوة في الحكم سحت قال ذلك الكفر إنما السحت أن ترشو من تحتاج إليه أمام حاجتك .