قال وينبغي
للقاضي أن يتخذ كاتبا من أهل العفاف والصلاح ; لأنه محتاج إلى أن يكتب ما جرى في مجلسه وربما يعجز عن مباشرة جميع ذلك بنفسه فيتخذ كاتبا لذلك والكاتب نائبه فينبغي أن يشبهه في العفاف والصلاح والكاتب من أقوى ما يعتمد عليه القاضي فلا يفوضه إلا إلى من هو معروف بالصلاح والعفاف حتى لا يخدع بالرشوة ، ثم لم يقعده حيث يرى ما يكتب وما يصنع أما لأنه يحتاج إلى الرجوع إلى ما في يده من المكتوب في كل حادثة فليكن بمرأى العين منه ، أو لأنه لا يأمن عليه من أن يخدعه بعض الخصوم بالرشوة إذا لم يكن بمرأى العين من القاضي ، ثم يكتب خصومة كل خصمين ، وما بينهما من الشهادة في صحيفة بيضاء وحدها ، ثم يطويها ويخرمها ويختمها بخاتمه للتوثق كي لا يزاد فيها ، ثم يكتب عليها خصومة فلان بن فلان وفلان بن فلان في شهر كذا في سنة كذا حتى يتيسر عليه تمييزها من سائر الصحائف إذا اختلفت بها ولا يحتاج في ذلك إلى فتح الخاتم فقد يشق عليه ذلك في كل وقت ويجعل خصومة كل شهر في قطمر على حدة لا يخالطها شيء آخر والقطمر اسم لخريطة القاضي ، وفيه لغتان قمطرة وقطمر ، وإنما يتخذ لخصومة كل شهر خريطة على حدة ليتيسر عليه وجودها
[ ص: 91 ] عند الحاجة إليها ويجدها بأدنى طلب ويكتب التاريخ ; لأنه قد يحتاج إليه عند منازعة الخصوم والأصل في كتاب التاريخ ما روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه لما أراد أن يكتب إلى الآفاق قيل له إن الملوك لا يقبلون الكتاب إذا لم يكن مؤرخا فجمع الصحابة وشاورهم في التاريخ ، ثم اتفقوا على أن جعلوا التاريخ من وقت الهجرة وبقي ذلك إلى يومنا هذا قال وليباشر هو بنفسه مسائل الشهود فيكتبها ، أو يكتب بين يديه ، ثم يبعث بها في السر إلى أهل الثقة عنده والعفاف والصلاح فيبعث كل مسألة مع رجلين كل واحد منهما ثقة ولا يطلع واحد منهما على ما يبعث به مع صاحبه ; لأن قضاءه ينبني على الشهادة فلا يدع في بابها أقصى ما في وسعه من الاحتياط والمباشرة بنفسه .