ولا ينبغي للقاضي أن يكون فظا غليظا جبارا عنيدا ; لأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القضاء بين الناس فينبغي أن يتحرز عن ما هو منتف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81229قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى لم يجعلني جبارا عنيدا } ، وفي صفته في التوراة ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق فصلوات الله عليه ، ولأن هذه أوصاف مذمومة فعلى القاضي أن يتحرز عنها وهو سبب لنفرة الناس عنه قال الله تعالى {
، ولو كنت فظا غليظ القلب } الآية والقاضي مندوب إلى اكتساب ما هو سبب لميل القلوب إليه والاجتماع إليه في حوائجهم وينبغي له أن يشتد حتى يستنطق الحق فلا يدع من حق الله تعالى شيئا من غير جبر به ، وأن يلين حيث ينبغي ذلك في غير ضعف ولا يترك شيئا من الحق لما روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قال لا يصلح لهذا الأمر إلا اللين من غير ضعف القوي من غير عنف وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلين في الأمور ويرفق حتى ينتهك شيء من محارم الله فيكون من أشدهم في ذلك وينبغي له أن يتعذر إلى كل من يخاف أن يقع في نفسه عليه شيء إذا قضى عليه ، وأن يفسر للخصم ويبين له حتى يعلم أنه قد فهم عنه حجته وقضى عليه بعد ما فهم وبذلك تنتفي عنه تهمة الميل وينقطع عنه طمع الخصم والعالة فيه ، ولأنه يصون بذلك الخصوم عن الفتنة والشكاية منه وهو مندوب إلا أن لا يترك جهده في ذلك ، وإن كان لا يطمع في أمانته إلا نادرا فيتقدم القاضي إلى أعوانه والقوام عليه في ترك الحق والشدة على الناس ويأمرهم بالرفق واللين من غير أن يضعوا فيقصروا عن شيء مما ينبغي ; لأنهم ينوبون عنه فيما فوض إليهم فكما يفعل ذلك في حق نفسه يأمر به أعوانه ليكون ذلك سبب تأليف القلوب واجتماع الكلمة عليه .