ولا ينبغي للقاضي إذا سافر ، أو مرض أن يستخلف إلا بأمر الإمام الذي هو فوقه ; لأن من قلده إنما رضي برأيه والناس يتفاوتون في الرأي والقضاء لا بد له من الرأي فلا يستخلف إلا بأمر من قلده كالوكيل لا يوكل غيره إلا بأمر الموكل والفرق بين القاضي والمأمور بإقامة الجمعة في الاستخلاف قد بيناه في كتاب الصلاة . فإذا
استخلف بغير أمر الإمام لم يجز قضاء خليفته إلا أن ينفذ هو قضاء خليفته فحينئذ ينفذه كما لو قضى به بنفسه ; لأن نفوذه برأيه .
( ألا ترى ) أن
الوكيل إذا وكل غيره حتى باشر التصرف ، ثم أجاز الوكيل الأول نفذ ذلك منه وجعل إجازته كإنشائه ، وكذلك لو حكم حكما بين خصمين فهذا والاستخلاف سواء وقيل هذا كله إذا فعله خليفته لا بحضرته فإن فعله بحضرته جاز استحسانا ; لأن تمامه برأيه يكون بمنزلة الوكيل إذا وكل غيره حتى باع بحضرته ، وإن
التبس عليه القضاء فاستشار فيه رجلا من أهل الصلاح والعفة وأخذ بقوله فأنفذه بين الخصمين فهو جائز لما بينا أن القاضي فيما يعجز عنه يستعين بغيره ممن علم ذلك .