[ ص: 145 ] باب شهادة الزور وغيرها
( قال رحمه الله ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله أنه كان إذا أخذ شاهد الزور بعث به إلى أهل سوقه إن كان سوقيا وإلى قومه إن كان غير سوقي بعد العصر أجمع ما كانوا فيقول إن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريحا رحمه الله يقرئكم السلام ويقول أنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذروه الناس ) وبهذا أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله فقال القاضي يكتفى في شهادة الزور بالتشهير ولا يعزره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله يعاقبه بالتعزير والحبس على قدر ما يرى حتى يظهر توبته ولا يبلغ بالتعزيرات سبعين سوطا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف بعد ذلك يبلغ بالتعزير خمسة وسبعين سوطا ، وقد بينا الكلام في مقدار التعزير في كتاب الحدود . فأما الكلام في
التعزير في حق شاهد الزور فهما استدلا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه حيث قال في شاهد الزور يضرب أربعين سوطا ويسخم وجهه ويطاف به إلا أن الدليل قد قام على انتساخ حكم التسخيم للوجه فإن ذلك مثلة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43053ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة ، ولو بالكلب العقور } .
فبقي حكم التعزير والتشهير بأن يطاف به ، ثم التشهير لإعلام الناس حتى لا يعتمد وإشهاده بعد ذلك والتعزير لارتكابه كبيرة فشهادة الزور من أعظم الكبائر فإنها عدلت بالشرك بالله تعالى قال الله تعالى {
فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور } ، وفيه إشارة إلى عظم حرمة المسلم فقد جعل الله تعالى الشهادة عليه بالزور كالشهادة على نفسه بالزور . وإذا ثبت أنه مرتكب للكبيرة قلنا يعزر على ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله أخذ بقول
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله فإنه كان قاضيا في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي رضي الله عنهما فما يشتهر من قضاياه كالمروي عنهما ، ثم التشهير لمعنى النظر للمسلمين ، وذلك من حقهم . فأما التعزير لحق الله تعالى ، وذلك يسقط بالتوبة وشاهد الزور من يقر على نفسه بذلك وإقراره على نفسه بذلك دليل توبته ; فلهذا لا يعزر ويكتفى بالتشهير .
ثم في التشهير نوع تعزير وهو تعزير لائق بجريمته ; لأن بالشهادة لا يحصل له سوى ماء الوجه وبالتشهير يذهب ماء وجهه عند الناس فكان هذا تعزيرا لائقا بجريمته فيكتفى به ، وما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه محمول على معنى السياسة إذا علم الإمام أنه لا ينزجر إلا به .
( ألا ترى ) أنه ذكر تسخيم الوجه ، وذلك بالاتفاق بطريق السياسة إذا علم المصلحة فيه . فكذلك التقرير ( قال ) وشاهد الزور عندنا المقر على نفسه بذلك ; لأنه لا تتمكن تهمة الكذب في إقراره على نفسه فلا طريق إلى ثبات ذلك بالبينة عليه ; لأنه نفي لشهادته والبينة حجة للإثبات دون النفي ، وكذلك من ردت شهادته
[ ص: 146 ] لتهمة أو للدفع عن نفسه أو بالاختلاف في الشهادة ، أو بتكذيب الذي شهد له فإنه لا يكون شاهد الزور فيما ذكرنا من الحكم ; لأني لا أدري أيهما الصادق المشهود له أو الشاهد فلعل المشهود له أراد بالشاهد العقوبة والتهمة فقصر في دعواه عما شهد به شاهده ، وكذلك من ردت شهادته للتهمة فلعله صادق في شهادته .