وكذلك لو
شهدوا أن فلانا أعتق أبا فلان ، وأن فلان ابن فلان عصبة فلان الذي أعتق وعصبة فلان المعتق فإني لا أجيز شهادتهما حتى ينسبا الذي أعتق وعصبته إلى أب واحد يلتقيان إليه ، وإن لم يدركا ذلك لم يضرهما بعد أن يشهدا على سماع العتق من المعتق ، ثم أن المعتق مات وترك ابنه ، ثم مات ابنه ولا يعلمان له وارثا غيره ، وأنه لا ينسب له ولا ولاء سواه فحينئذ تقبل شهادتهم ; لأن القاضي لا يقضي بالميراث ما لم يفسروا بنسب الوراثة ، وإنما يسير مفسرا معلوما عنده بما ذكر غير أن في النسب شهادتهم بالتسامع مقبولة ، وفي الولاء لا تقبل شهادتهم ما لم يسمعوا العتق من المعتق إلا عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله كما بينا قال ولست أكلفهم في المواريث أنه لا وارث له غيره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى رحمه الله ما لم يشهدوا بذلك لا يقضي القاضي بالميراث له ; لأن سبب استحقاقه لا يصير معلوما للقاضي إلا به لجواز أن يكون هناك من يزاحم أو يترجح عليه فلا يكون هو وارثا مع ثبوت ما فسر الشهود من السبب ، ولكنا نقول قولهم لا وارث له غيره نفي لا طريق لهم إلى معرفة ذلك فلو كلفهم القاضي أن يشهدوا بذلك لكلفهم على ذلك شططا وحملهم على الكذب وإليه أشار في الكتاب ( فقال ) من قبل أن هذا عيب يحملهم القاضي عليه ، أو قال عنت يحملهم القاضي عليه وهو يعلم أنهم يشهدون بما لا يعلمون ، وإن قالوا لا نعلم له وارثا غيره فهذا يكفي وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى رحمه الله لا يكفي ; لأن هذا ليس من الشهادة في
[ ص: 153 ] شيء فإنهم يشهدون بما يعلمون لا بما لا يعلمون وكما أنهم لا يعلمون ذلك فالقاضي لا يعلم ونحن نسلم أن المشهود به لا يثبت به بهذا اللفظ ، ولكن استحقاق الميراث له بالسبب الذي أثبته الشهود مفسرا إلا أنهم إذا لم يذكروا هذه الزيادة كان على القاضي أن يتلوم فربما يظهر وارث آخر مزاحم له أو مقدم عليه فهم بهذا اللفظ كفوا القاضي مؤنة التلوم .
ونظروا في ذلك لأنفسهم فتحرزوا عن الكذب والمجازفة ; لأنهم لو قالوا لا وارث له غيره كانوا مجازفين في ذلك فتحرزوا بقولهم لا نعلم له وارثا غيره ، وفي الحقيقة مرادهم هو الأول فما يكون من سباب التحرز عن الكذب لا يكون قدحا في شهادتهم ، ولو
شهدوا أنهم لا يعلمون له وارثا بأرض كذا وكذا غير فلان جاز ذلك في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ولم يجز ذلك في قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله حتى يقولوا مبهمة لا نعلم له وارثا غيره ; لأن في تخصيصهم مكانا إيهاما أنهم يعلمون له وارثا في غير ذلك المكان أرأيت لو قالوا لا نعلم له وارثا سواه في هذا المجلس أكان يقتضي بالميراث لهم
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقول هذا اللفظ مبهم للمبالغة في بيان أنه لا وارث له غيره ومعناه أن بلده كذا ومولده كذا ومسقط رأسه كذا ولا نعلم له بها وارثا غيره فأحرى أن لا يكون له وارثا آخر في مكان آخر ، ثم تخصيصهم هذا المكان بالذكر في هذا اللفظ لغو ; لأن ما لا يعلم المرء لا يختص بمكان دون مكان فهو ، وما لو أطلقوا سواء .
وقولهما أن هذا إيهام فلان كان كذلك فهو مفهوم والمفهوم لا يقابل المنطوق والأصل في ذلك ما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81261أن ثابت بن الدحداح لما مات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قبيلته هل تعرفون له فيكم نسبا قالوا لا إلا أن ابن أخت له فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه لأبن أخته ابن لبانة بن عبد المنذر رضي الله عنه } فقد ذكروا أنهم لا يعرفون له فيهم وارثا ونسبا ولم يكلفهم أكثر من ذلك .