ولو
ركب رجل بعير رجل إلى مكة فعطب فقال رب البعير غصبني . وقال الراكب استأجرته منك بكذا وأقام عليه شاهدين فأبرأه القاضي من الضمان ، وأنفذ عليه ما وجب من الأجر ، ثم رجعا عن شهادتهما ضمنا قيمة البعير إلا مقدار ما أخذ صاحبه من الأجر ; لأن ركوب بعير الغير موجب للضمان على الراكب لولا شهادتهما لكان ضمان القيمة دينا على الراكب بما ظهر منه فهما بشهادتهما أثبتا له سبب البراءة ، وقد أقر عند الرجوع أنهما أتلفا ذلك على رب البعير فكانا ضامنين له إلا أنهما عوضاه مقدار ما شهدا له من الأجر فيطرح عليهما ذلك ، ولأن صاحب البعير مقر أن الراكب غاصب لا أجر له عليه ، وأن ما استوفي منه استوفاه بحساب ضمان القيمة وزعمه معتبر في حقه فلا يرجع على الشاهدين إلا بالفضل ، ولو
كان البعير أول يوم ركبه يساوي مائتي درهم وآخر يوم عطب فيه يساوي ثلثمائة درهم لزيادة في يده والأجر خمسون فإنهما يضمنان مائتين وخمسين درهما بحساب يوم عطب . من أصحابنا رحمهم الله من يقول هذا في
قولهما . فأما عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله إنما يضمنان بحساب قيمته يوم ركب وقالوا هذا نظير الجارية المغصوبة إذا ازدادت في بدنها ، ثم باعها الغاصب وسلمها إليه فإنه كما لم يذكر الخلاف هنا لم يذكر هناك ، وإنما ذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله في تلك المسألة في النوادر وحكم هذه وحكم تلك سواء والأصح أن هذا قولهم جميعا
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله يفرق بينهما فيقول ضمان البيع والتسليم ضمان غصب ; ولهذا لا يضمن به إلا ما يضمن بالغصب والغصب بعد الغصب في الأصل لا يتحقق من واحد والزيادة المتصلة لا تفرد عن الأصل . فأما ضمان الركوب إذا عطبت الدابة ضمان إتلاف .
( ألا ترى ) أن الحر يضمن به والإتلاف الحقيقي بعد الغصب يتحقق في الأصل مع الزيادة فكان الراكب ضامنا قيمتها حين عطبت لولا شهادتهما فيضمنان عند الرجوع قيمتها باعتبار تلك الحال .