وإذا
شهدوا بالوصية ضمنوا ; لأن استحقاق الوصية عند الموت بالعقد لا بالموت فإن الملك للموصى له ملك متجدد ثابت بالعقد بخلاف الميراث فإنه خلافه على معنى أنه يبقى للوارث من الملك ما كان ثابتا للمورث وهذه الخلافة لا تتحقق إلا بالموت يوضح الفرق أن الشهادة بالنسب في حالة الحياة وإن كانت توجب الميراث بعد الموت ففيها معنى المعاوضة لجواز أن يموت المشهود له أولا فيرثه المشهود عليه فلهذا لا يجب الضمان على الشهود ولا تتحقق مثل هذه المعاوضة في الشهادة بالوصية بالثلث فكان هذا بمنزلة الشهادة على النسب بعد الموت فيكون موجبا للضمان عليهما إذا رجعا ولو
شهدا بعد موته أنه أوصى بهذه الجارية لهذا المدعي وهي تخرج من ثلثه فقضى له بها فاستولدها ثم رجعا عن الشهادة ضمنا قيمتها يوم قضي بها ولم يضمنا العقر ولا قيمة الولد ; لأنهما أتلفا ملك الرقبة على الورثة بشهادتهما لملك الموصى له فيضمنان قيمة الرقبة كذلك بمنزلة ما لو
شهدا بالهبة والتسليم في حياة صاحبها وكذلك لو ولدت من غيره لم يضمنا للورثة شيئا من قيمة الولد ; لأنهم ما استحقوا الولد ، والاستحقاق لا يثبت إلا بعد الوجود ، وعند وجود الولد هي مملوكة للموصى له يحكم الحاكم دون الورثة وإن كانت ميتة فالقول في قيمتها قول الشاهدين في قيمتها لإنكارهم الزيادة وإن
كانت حية فقال الشاهدان قد ازدادت قيمتها لم يصدقا على ذلك وضمنا قيمتها اليوم إلا أن يقيما البينة على ما قالا ; لأن قيمتها
[ ص: 19 ] في الحال دليل ظاهر على قيمتها فيما مضى والبناء على الظاهر واجب وعلى من يدعي خلاف الظاهر إقامة البينة فإن أقام البينة ; أخذ بذلك إلا أن تقيم الورثة البينة على أن قيمتها يوم شهدا أكثر مما قال شهودهما فيؤخذ ببينة الورثة لما فيها من إثبات الزيادة