ومن
حلف لا يعرف فلانا وهو يعرف وجهه دون اسمه ونسبه لا يحنث
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله قال قد أثبت ببينته أنه ليس بخصم للمدعي فإنا نعلم أن مودعه ليس هو المدعي ; لأن الشهود يعرفون المودع بوجهه ويعلمون أنه غير هذا المدعي ومقصود ذي اليد إثبات أن يده يد حفظ وأنه ليس بخصم لهذا الحاضر وهذه البينة كافية في هذا المقصود ثم إن تضرر المدعي بأن لم يقدر على اتباع خصمه فذلك الضرر يلحقه من قبل أنه جهل خصمه لا من جهة
[ ص: 39 ] ذي اليد ونحن نسلم أن المعرفة بالوجه لا تكون معرفة تامة فإن الغائب لا يمكن استحضاره به ولكن ليس على ذي اليد تعريف خصم المدعي له وإنما عليه أن يثبت أنه ليس بخصم له وهذا كله بناء على أصلنا أن
القضاء على الغائب بالبينة لا يجوز فلا بد من خصم حاضر للمدعي ليقيم عليه البينة .
فأما عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله القضاء على الغائب بالبينة جائز ويستوي في ذلك إن كان غائبا عن البلدة أو عن مجلس الحكم حاضرا في البلدة وهو الصحيح من قوله وإنما يحضره القاضي لرجاء إقراره حتى يقصر به المسافة عليه ولا يحتاج المدعي إلى تكلف البينة واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي ، فاشتراط حضور الخصم لإقامة البينة تكون زيادة ولما قالت
هند لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81280فقال صلوات الله عليه وسلامه خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف من مال nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان } فقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنفقة وهو غائب ولأن هذه بينة عادلة مسموعة فيجب القضاء بها كما لو كان الخصم حاضرا وبيان الوصف أن عندكم تسمع هذه البينة للكتاب بها وتأثيره أن بغيبة الخصم ما فات إلا إنكاره وإنكاره غير مؤثر في إيصال المدعي إلى حقه ولأن الأصل هو الإنكار فيجب التمسك به ، وإذا ثبت إنكاره بهذا الطريق قبلت البينة عليه ولو كان مقرا كان القضاء متوجها عليه لإجماعنا أن القضاء على الغائب بالإقرار جائز فعليه نقيس فعله أنه إحدى حجتي القضاء ولنا قوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81281لا تقض لأحد الخصمين حتى تسمع كلام الآخر فإنك إذا سمعت كلام الآخر علمت كيف تقضي } فبين أن الجهالة تمنعه من القضاء وأنها لا ترفع إلا بسماع كلامهما .
فأما قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13920البينة على المدعي } فدليلنا أن البينة اسم لما يحصل به البيان وليس المراد في حق المدعي ; لأنه حاصل بقوله ولا في حق القاضي ; لأنه حاصل بقول المدعي إذا لم يكن له منازع إنما الحاجة إلى البيان في حق الخصم الجاحد وذلك لا يكون إلا بحضوره .
( ألا ترى ) أنه جعل البينة على المدعي في حال لو ادعى عدمها استحلف الخصم فقال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39896واليمين على من أنكر } وذلك لا يكون إلا بمحضر منه وهذا ; لأن البينة اسم للحجة ولا تكون حجة عليه ما لم يظهر عجزه عن الدفع والطعن ، والقرآن صار حجة على الناس حين ظهر عجزهم عن المعارضة وظهور عجزه لا يكون إلا بمحضر منه ولا حجة في حديث
هند ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عالما بسبب استحقاق النفقة على
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان وهو النكاح الظاهر .
( ألا ترى ) أنها لم تقم البينة والمعنى فيه أنه أحد المتداعين فيشترط
[ ص: 40 ] حضوره للقضاء بالبينة كالمدعي بل أولى فإن المدعي ينتفع بالقضاء والمدعى عليه يتضرر به وتأثيره أن دعوى المدعي وإن كان الخصم شرط للعمل بالبينة حتى لا يسمع البينة على المقر ولا يقضي بها إذا اعترض الإقرار قبل القضاء بها وبغيبة المدعي يفوت أحد الشرطين وهو الدعوى وبغيبة المدعى عليه يفوت الشرط الآخر وهو الإنكار وفوات شرط الشيء كفوات ركنه في امتناع العمل به ، وإنكاره إن كان ثابتا بطريق الظاهر فالشرط بطريق الظاهر لا يثبت عندنا ما لم يتيقن به ولهذا إذا
قال لعبده : إن لم أدخل الدار اليوم فأنت حر فمضى اليوم فقال قد دخلت وقال العبد لم تدخل لم يعتق وإن كان عدم الدخول ثابتا بطريق الظاهر .
وعلى هذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله لو حضر وأنكر فأقيم عليه البينة ثم غاب يقضى عليه ; لأن إنكاره سمع نصا وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله لا يقضى عليه ; لأن إصراره على الإنكار إلى وقت القضاء شرط وذلك ثابت بعد غيبته باستصحاب الحال لا بالنص وقوله إنها مسموعة عندنا غير مسموعة للقضاء حتى أن الخصم وإن حضر لا يجوز القضاء بها إنما هي مسموعة لنقلها إلى قاضي تلك البلدة بالكتاب بمنزلة شهادة الأصول عند الفروع مسموعة لنقل شهادتهم لا للقضاء بها واعتبار البينة بالإقرار فاسد ; لأن الإقرار موجب للحق بنفسه دون القضاء بخلاف البينة .
( ألا ترى ) أن
الإقرار للغائب صحيح بخلاف البينة وهذا ; لأنه ليس للمقر حق الطعن في إقرار نفسه فليس في القضاء عليه مع غيبته بالإقرار تفويت حق الطعن عليه بخلاف البينة .