. ( باب الدعوى في الميراث )
( قال رحمه الله
عبد في يد رجل فأقام رجل البينة أن أباه مات وتركه ميراثا له لا يعلمون [ ص: 41 ] له وارثا غيره وأقام آخر البينة أن أباه مات وتركه ميراثا لا يعلمون له وارثا غيره فإنه يقضى بالعبد بينهما نصفان ) ; لأن كل واحد من الوارثين خصم عن مورثه فكأن المورثين حيان وأقاما البينة على ملك مطلق لهما في يد ثالث وفي هذا يقضى بالملك بينهما نصفان عندنا ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله يقضى بأعدل البينتين وعند
الأوزاعي رحمه الله يقضى لأكثرهما عددا في الشهود وفي أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تتهاتر البينتان وفي القول الآخر يقرع بينهما ويقضى لمن خرجت قرعته
nindex.php?page=showalam&ids=16867فمالك يقول الشهادة إنما تصير حجة بالعدالة فالأعدل في كونه حجة أقوى والضعيف لا يزاحم القوي
والأوزاعي رحمه الله يقول طمأنينة القلب إلى قول الجماعة أكثر منه إلى قول المثنى فيترجح أكثرهما شهودا بزيادة طمأنينة القلب في قولهم
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي على القول الذي يقول بالتهاتر يقول قد تيقن القاضي بكذب أحد الفريقين ولا يعرف الصادق من الكاذب فيمتنع العمل بهما .
كما لو شهد شاهدان أنه طلق امرأته يوم النحر
بمكة وآخر أنه أعتق عبده
بالكوفة في ذلك اليوم وهذا لأن تهمة الكذب تمنع العمل بالشهادة فالتيقن بالكذب أولى واستدل بملك النكاح فإنه لو
تنازع اثنان في امرأة وأقام كل واحد منهما البينة أنها امرأته لم يقض القاضي بواحدة منهما وعلى القول الذي يقول بالقرعة استدل بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب رضي الله عنه {
أن رجلين تنازعا في أمة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام كل واحد منهما البينة أنها أمته فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقال اللهم أنت تقضي بين عبادك بالحق ثم قضى بها لمن خرجت قرعته } وروي أن رجلين تنازعا في بغلة بين يدي
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه فأقام أحدهما شاهدين والآخر خمسة من الشهود فقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه لأصحابه ماذا ترون فقالوا يعطى لأكثرهما شهودا فقال فلعل الشاهدين خير من خمسة ثم قال في هذا قضاء وصلح أما الصلح أن يجعل البغلة بينهما سهاما على عدد شهودهما وأما القضاء أن يحلف أحدهما ويأخذ البغلة فإن تشاحا على الحلف أقرعت بينهما وقضيت بها لمن خرجت قرعته ولأن استعمال القرعة لتعيين المستحق أصل في الشرع كما في قسمة المال المشترك ولنا حديث
تميم بن طرفة رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81283أن رجلين تنازعا في عين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام البينة فقضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين } وعن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81284أن رجلين اختصما في شيء بين يديه وأقام البينة فقال ما أحوجكما إلى سلسلة كسلسلة بني إسرائيل كان داود عليه السلام إذا جلس لفصل الخصومات نزلت سلسلة من السماء فأخذت بعنق الظالم ثم [ ص: 42 ] قضى بينهما نصفين } وما روي من استعمال القرعة فقد كان في وقت كان القمار مباحا ثم انتسخ ذلك بحرمة القمار لأن تعيين المستحق بمنزلة الاستحقاق ابتداء فكما أن تعليق الاستحقاق بخروج القرعة يكون قمارا فكذلك تعيين المستحق بخلاف قسمة المال المشترك فللقاضي هنا ولاية التعيين من غير قرعة وإنما يقرع تطييبا لقلوبهما ونفيا لتهمة الميل عن نفسه فلا يكون ذلك في معنى القمار .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه يعارضه ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي رضي الله عنهما في رجلين تنازعا في ولد أنهما قضيا بأنه ابنيهما ولم يستعملا القرعة فيه وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه استعمل القرعة في مثل هذه الحادثة واليمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل أنه عرف انتساخ ذلك الحكم بحرمة القمار والمعنى فيه أنهما استويا في سبب الاستحقاق والمدعي قابل للاشتراك فيستويان في الاستحقاق كالغريمين في التركة إذا كانت التركة بقدر حق أحدهما والموصى لهما كل واحد منهما بالثلث يقتسمان الثلث بينهما نصفين وبيان الوصف أن المدعي يقبل الاشتراك وهو ملك العين بخلاف ملك النكاح فإنه لا يحتمل الاشتراك وهذا ; لأن البينات حجج فيجب العمل بها بحسب الإمكان وكيف يترك في يد ذي اليد وقد اتفق الفريقان على استحقاق الملك عليه وقوله القاضي تيقن بكذب أحد الفريقين ضعيف فكل واحد منهما اعتمد سببا أطلق به أداء الشهادة وهو معاينة اليد لمن شهد له وبه فارق مسألة
مكة والكوفة فقد علمنا هناك أن أحدهما كاذب بيقين لأن الشخص الواحد في يوم واحد لا يكون
بمكة والكوفة وقد تتوالى يدان لشخصين على عين واحدة في وقتين فلهذا أوجبنا القضاء هنا بحسب الإمكان .
وكذلك لو
وقت شهود أحدهما سنة ولم يوقت شهود الآخر فقضى به بينهما نصفين ; لأن تنصيص أحدهما على التوقيت لا يدل على سبق ملكه على الآخر فلعل ملك الآخر أسبق منه وإن لم توقت شهوده وذكر المسألة في النوادر في دعوى الملك من خارجين إذا وقت شهود أحدهما ولم يوقت شهود الآخر ، عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله يقضى به بينهما نصفين وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله يقضى به للذي وقت شهوده وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله يقضى به للذي لم يوقت شهوده .
وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ما بينا أن التاريخ ليس بسبب للملك وتنصيص أحدهما عليه لا يبقي مساواة الآخر أو سفها عليه فكان ذكره وجودا وعدما بمنزلة
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف يقول قيام المنازعة بينهما في الملك للحال والذي وقت شهوده ثبت الملك له من حين أرخ شهوده ولا منازعة له في ذلك الوقت فلا يستحق عليه
[ ص: 43 ] الملك بعد ذلك إلا بسبب من جهته كما لو أقام البينة على النتاج
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمه الله يقول البينة على الملك المطلق تثبت الاستحقاق من الأصل ولهذا تستحق به الزوائد ويرجع الباعة بعضهم على البعض بالثمن فكان التاريخ الذي لم يوقت شهوده أسبق من هذا الوجه ولكن يبطل هذا بفصلين أحدهما إذا
أقام أحدهما البينة على النتاج والآخر على الملك المطلق فصاحب النتاج أولى فلو كانت البينة على الملك المطلق تثبت الاستحقاق من الأصل لاستويا .
والثاني إذا
ادعى عبد على مولاه أنه مملوكه أعتقه وادعى رجل أنه ملكه وأقام البينة فبينة العتق أولى ولو كان الاستحقاق يثبت لمدعي الملك المطلق من الأصل لصار هو أولى من مدعي العتق وإن وقتت بينة أحدهما سنة وبينة الآخر سنتين قضي بالعبد لصاحب السنتين في قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف الآخر وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله وفي قوله الأول العبد بينهما نصفان والوقت وغير الوقت في ذلك سواء هكذا ذكر في نسخ
أبي حفص رحمه الله وقال في نسخ
أبي سليمان رحمه الله على وقت
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف الآخر رحمهما الله يقضى به لصاحب السنتين وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف الأول وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمهما الله يقضى به بينهما نصفين فاشتبه مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله لاختلاف النسخ وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف الآخر أن صاحب التاريخ السابق أثبت الملك لنفسه في وقت لا منازع له فيه فيثبت ملكه في ذلك الوقت ثم لا يستحق عليه الملك إلا لسبب من جهته والآخر لا يدعي الملك بسبب من جهته وهو نظير ما لو
ادعى الملك بالشراء كل واحد منهما من رجل أو من واحد وأرخا وأحدهما أسبق تاريخا كان صاحب أسبق التاريخين أولى فهذا مثله .
وجه قوله الأول أن التاريخ ليس بسبب للملك فوجود ذكره كعدمه ثم كل واحد منهما ينتصب خصما عن مورثه في إثبات الملك له ولا تاريخ في ملك المورثين فيقضى به بينهما نصفين حتى لو أرخا ملك المورثين وتاريخ أحدهما أسبق كان هو أولى هكذا ذكر
هشام في نوادره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمهما الله .