قال وإن
ادعاها أنها له فشهد شاهدان أنها لأبيه ولم يشهدوا أنه مات وتركها ميراثا لم يقض له بها ; لأن الدعوى خالفت الشهادة فإنه ادعى الملك لنفسه والشهود شهدوا بالملك لابنه وهذا اللفظ يوجب أن الأب حي فالميت ليس بأهل للملك ولا حق له في ملك الأب في حياته وإن كان الأب ميتا فقد شهدوا بملك عرف القاضي زواله فلا تقبل شهادتهم لهذا وكذلك لو
شهدوا أنها كانت لأبيه حين مات في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد وهو قول
أبي يوسف الأول رحمهم الله ثم رجع فقال شهادتهم مقبولة لأنهم أثبتوا ملك الأب في الزمان الماضي وما عرف ثبوته فالأصل بقاؤه إلا أن يتبين سبب زواله ولم يتبين لزوال ملكه سببا سوى الموت وهو ناقل إلى الوارث فكانت هذه الشهادة بالملك له من هذا الوجه فيجب قبولها كما لو صرحوا بهذا ; لأن الثابت لمقتضى الكلام فيما يرجع إلى تصحيح الكلام كالمصرح به .
يوضحه أنه لو
أقر ذو اليد أنها كانت لأبيه أو قامت البينة على إقراره بذلك أمر بالتسليم إليه فكذلك إذا ثبت بالبينة . وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله أنهم شهدوا بملك عرف القاضي زواله ولم يبينوا سبب الزوال فلا تقبل شهادتهم كما لو ادعى ملكا بالشراء فشهدوا أنها كانت لبائعها وهذا ; لأن القاضي لا يتمكن في الحال من أن يقضي بالملك لابنه لعلمه بزوال ملكه فلا يمكنه أن يقضي بالملك للمدعي ; لأن خلافته لأبيه بطريق الميراث إبقاء له ما كان ثابتا لأبيه لا أن يوجب إثبات الملك ابتداء ; ولأن قيام ملك الأب وقت الموت شرط الانتقال إلى الوارث وقد بينا أن الشرط لا يثبت بالظاهر بل بالنص فإذا نص الشهود على انتقاله بالميراث يثبت بالشرط وإن لم ينصوا عليه لم يثبت ما هو الشرط والملك الذي كان له في حياته لا يكون دليل ملكه عند الموت نصا بخلاف الإقرار فإنه يوجب الحق بنفسه وقد بينا هذا الفرق في اليد للمدعي أمس فكذلك هنا ثم على قول
أبي يوسف الآخر رحمه الله ما لم يقم المدعي البينة على عدد الورثة لم ينفذ القضاء لاحتمال أن
[ ص: 46 ] تكون الورثة عددا فلا يرث هو الكل ولو
أقام البينة أن أباه مات وتركها ميراثا ولم يعرفوا الورثة فإن القاضي يقول قد ثبت بهذه البينة الملك لفلان وقت الموت وذلك يوجب الانتقال إلى ورثته ولكن لم يثبت عندي أنكم ورثته فهاتوا بينة أنكم ولده وأنه لا وارث للميت غيركم فإذا أقاموا البينة على هذا قضي بها لهم ولو لم يقيموا البينة على أنهم لا يعلمون له وارثا غيرهم يتأنى القاضي في ذلك ثم يدفع إليهم ; لأن وراثتهم قد ثبتت ووجود مزاحم لهم في الميراث محتمل فعلى القاضي أن يتأنى لكي لا يبتلى بالخطإ ولا يحتاج إلى نقض قضائه ولم يتبين في الكتاب مدة التأني وذلك على حسب ما يراه القاضي ; لأن ذلك يختلف باختلاف أحوال الميت في الشهرة والخمولة وباختلاف أحوال ورثته في الغيبة والحضور .
وذكر
الطحطاوي أن التقدير لمدة التأني الحول فإن المقصود إبلاء العذر في حق وارث غائب يمسي والحول مدة تامة لإيلاء العذر قال القائل
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
وهو نظير أجل العنين ويأخذ منهم كفيلا بما دفع إليهم وهذا قول
أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله فأما عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله لا يأخذ منهم كفيلا وقال في الجامع الصغير هذا شيء احتاطته القضاة وهو ظلم وجه قولهما أن القاضي مأمور بالنظر لكل من عجز عن النظر لنفسه ومن الجائز أن للميت غريما أو وارثا غائبا فلو لم يأخذ من الحاضر كفيلا بما يدفع إليه ; يفوت حق الغائب ففي أخذ الكفيل نظر للغائب ولا ضرر فيه للحاضر وهو نظير الآبق واللقطة إذا دفعها القاضي إلى رجل أثبت عنده أنه صاحبها أخذ منه كفيلا بها لهذا المعنى ولأن عليه صيانة قضاء نفسه وهذه الصيانة إنما تتحقق بأخذ الكفيل حتى إذا حضر غريم أو وارث لا يتعذر عليه إيصاله إلى حقه
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله يقول حق الحاضر ثابت معلوم وحق الغائب موهوم ولا يقابل الموهوم المعلوم فلا يؤخر القاضي تسليم حقه إليه إلى إعطاء الكفيل أرأيت لو لم يجد كفيلا أكان يمنعه حقه هذا ظلم منه وما ذكر في الآبق واللقطة
قولهما لا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ولأنه لو أخذ الكفيل إنما يأخذ المجهول والكفالة للمجهول لا تصح ولا يقال يأخذ الكفيل لنفسه ; لأنه ليس بخصم .
ولا يقال يأخذه للميت ; لأن حق الميت في تسليم ماله إلى وارثه وقد أثبت الحاضر ورثته فلا معنى للاشتغال بأخذ الكفيل ولو
أقام البينة أنها كانت لجده مات وتركها ميراثا له لم يقض له حتى يشهدوا أنه وارث جده لا يعلمون له وارثا غيره ولو شهدوا أن الجد مات وتركها ميراثا لابنه لم يقض له حتى يشهدوا أنه وارث
[ ص: 47 ] جده لا يعلمون له وارثا غيره أو شهدوا أن الجد مات وتركها ميراثا لأبيه ثم مات أبوه وتركها ميراثا له لا يعلمون له وارثا غيره في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله وقال
أبو يوسف أقضي بها للجد وأضعها على يدي عدل حتى يصححوا عدد ورثة الجد وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى رحمه الله وهذا نظير الفصل الأول أن عند
أبي يوسف رحمه الله يجب القضاء بما لو قامت البينة عليه
nindex.php?page=showalam&ids=11990وعندهما لم يجيزا الميراث إليه لا يظهر استحقاقه وكونه خصما في إثبات ملك الجد فلا يقضي القاضي بشيء إلا أن يخيروا الميراث كما بينا .