قال :
جارية بين رجلين ولدت ولدين في بطنين فادعى أحدهما الأكبر ، ثم ادعى الآخر الأصغر لم تجز دعوة صاحب الأصغر ; لأن العلوق بهما حصل في ملكهما فحين ادعى أحدهما الأكبر صارت الجارية أم ولد له من حين علقت بالأكبر ، ثم الأصغر ولد أم ولده والشريك أجنبي عنه ، ومن ادعى ولد أم ولد الغير لم تصح دعوته ، ولو كان صاحب الأصغر ادعى الأصغر أولا يثبت نسبه منه ; لأنها مشتركة بينهما مع الولدين حين ادعى مدعي الأصغر ، وما ادعاه يحتاج إلى النسب فيثبت نسب الأصغر منه وصارت الجارية أم ولد له وضمن نصف قيمتها ونصف عقرها لشريكه ، وتصح دعوة مدعي الأكبر للأكبر ; لأنه نفي مشترك بينهما فإن أمية الولد لها إنما يثبت من حين علقت بالأصغر والأكبر منفصل عنها قبل ذلك فلهذا بقي مشتركا بينهما فإن ادعاه مدعي الأكبر ، وهو محتاج إلى النسب ثبت نسبه منه وضمن نصف قيمته لشريكه إن كان موسرا ; لأنه مقصود بالدعوة
[ ص: 174 ] والإتلاف فتكون دعوته إياه بمنزلة إعتاقه ، ولم يذكر أن مدعي الأكبر هل يغرم شيئا من العقر وينبغي أن يغرم نصف العقر ; لأنه أقر بوطء الأمة حال ما كانت مشتركة بينهما فيغرم نصف العقر لشريكه ، وإن لم يثبت أمية الولد لها من جهته قال : ولو كانت
الدعوى منهما معا وهي أم ولد المدعي الأكبر ; لأنه سابق بالدعوة معنى فإن العلوق بالأكبر كان سابقا فصارت أم ولد له من حين علقت بالأكبر ، وفي القياس لا تصح دعوة مدعي الأصغر ; لأنه ادعى ولد أم ولد الغير كما في الفصل الأول .
ولكنه استحسن فقال بينة الأصغر من مدعي الأصغر ; لأن وقت الدعوة كان الأصغر مشتركا بينهما في الظاهر محتاجا إلى النسب ، وكذلك الجارية حين علقت بالأصغر كانت مشتركة بينهما في الظاهر فبعد أن كانت أم ولد لمدعي الأكبر صار مدعي الأصغر بمنزلة المغرور ، وولد المغرور حر بالقيمة فكان جميع قيمة الأصغر لمدعي الأكبر ، وذكر في بعض النسخ أن عليه جميع قيمة الأصغر لمدعي الأكبر وذكر في بعض النسخ أن عليه نصف العقر وليس بينهما اختلاف ، ولكن حيث قال عليه نصف العقر إنما أجاب بالحاصل فإن نصف العقر بنصف العقر قصاص ، وإنما يبقى في الحاصل نصف العقر على مدعي الأصغر لمدعي الأكبر