صفحة جزء
قال : رجل أقر في مرضه أن هذه الجارية وديعة عنده لفلان وعليه دين يحيط بماله أو ليس عليه دين فاستولدها الوارث بعد موته ، وقد علم بإقرار الأب ، ثم استحقت ببينة فإنه يقضى للمستحق بها وبولدها مملوكين له ; لأن الوارث غير مغرور هنا فإنه أقدم على استيلادها مع علمه أنها غير مملوكة له ; لأنها لم تكن مملوكة لمورثه فصار راضيا برق مائه ، وكان الولد ملكا للمستحق ، وإن لم يقر المريض بها لغيره ، وكان عليه دين يحيط بماله فاستولدها الوارث قيمة الولد والعقر ; لأنه بمنزلة المغرور فيها فإن الاختلاف [ ص: 181 ] بين العلماء رحمهم الله ظاهر في وقوع الملك للوارث في التركة المستغرقة بالدين فمن يقول لا يملك يقول سبب الملك له فيها تام حتى يملك استخلاصها لنفسه بقضاء الدين من موضع آخر ، ولو أعتقها ، ثم سقط الدين نفذ عتقه ، ولو كانت أمه فتزوجها لم يصح النكاح فعرفنا أن الغرور قد تحقق فكان ولده حرا بالقيمة وتباع الأمة في الدين إن استغرقت التركة بالدين يمنع عتق الوارث فيها فكذلك يمنع ثبوت حق الحرية من جهة الوارث فيها ، ووجوب العقر عليه ; لأن هذا وطء حصل في غير ملكه ، وقد سقط الحد لشبهة فيغرم العقر فإن أقام رجل البينة أنها له قضيت بها له وبقيمة الولد ، والعقر لما بينا ، ولو كانت الأمة للميت وعليه دين لا يحيط بقيمتها فوطئها الوارث فولدت منه وضمن قيمتها وعقرها ; لأن الدين إذا لم يكن محيطا بالتركة لا يمنع ملك الوارث فيصح استيلاده فيها ، ولكن حق الغريم مقدم على حقه ويغرم قيمتها لحق الغريم ; لأنه صار مستهلكا لماليتها على الغريم بالاستيلاد قال : ويغرم عقرها قال عيسى رحمه الله هذا غلط فإن الاستيلاد حصل في ملكه فلا يكون موجبا للعقر عليه إذا كان في قيمتها وفاء بالدين وزيادة فلم يغرم العقر ; ولماذا يغرم .

ولكنا نقول : تأويل المسألة أن الورثة كانوا عددا فكان هذا استيلاد الشركاء للجارية المشتركة ، وهو موجب للعقر والقيمة باعتبار ملك الشركاء ، وفي بعض الروايات ، وهو قول بشر يقدر الدين ، ولا يصير ملكا للوارث أيضا فلهذا لزمه قيمتها ، وعقرها يقضى من ذلك الدين أولا ، وما بقي فهو ميراث بين الورثة يسقط عنه من ذلك بقدر حصته ، ولا يضمن قيمة الولد هنا ; لأنها بمنزلة الجارية المشتركة ، وقد بينا أن أحد الشركاء إذا استولد الجارية المشتركة لم يغرم من قيمة الولد شيئا

التالي السابق


الخدمات العلمية