ولا يجوز
إقرار المريض لقاتله بدين إذا مات في ذلك من جنايته ; لأن الإقرار للقاتل بمنزلة الإقرار للوارث فإنه عاجز عن اتصال النفع إليه بإنساء التبرع ; لأن الهبة
والوصية للقاتل لا تصح كما لا يصح
[ ص: 35 ] للوارث فيكون متهما في إخراج الكلام مخرج الإقرار ، فإن ( قيل ) العاقل لا يؤثر قاتله على ورثته بالإقرار له كاذبا فتنتفي تهمة الكذب عن إقراره هنا ( قلنا ) قد بينا أن الصدق والكذب في إقراره لا يعرف حقيقة فإنما يعتبر فيه الدليل الشرعي ، وهو تمكنه من تحصيل مقصوده بإنساء التبرع وعدم تمكنه من ذلك ، وهذا لأن أحوال الناس مختلفة في هذا ، فقد يؤثر الشخص قاتله لمثل في قلبه إليه أو قصده إلى مجازات إساءته بالإحسان فتتمكن التهمة باعتبار هذا المعنى ، ولكن الشرط أن يموت من جنايته لأنه إذا مات من غير جنايته لم يكن قابلا له بل يكون خارجا له ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله
الإقرار للقاتل صحيح على قياس مذهبه في الإقرار للوارث ، وإن لم يكن يوم أقر صاحب فراش جاز إقراره ; لأن المريض إنما يفارق الصحيح بكونه صاحب فراش فإن الإنسان قل ما يخلو عن نوع مرض عادة ولا يعطى له حكم المريض ما لم يكن صاحب فراش ، فإذا صار بجنايته صاحب فراش فهو مريض ، وإذا لم يصر صاحب فراش فهو صحيح ، والإقرار الصحيح جائز لقاتله ولوارثه كما يجوز تبرعه عليه وبهذا تبين فساد قول من يقول من مشايخنا رحمهم الله إذا كان خطا بنفسه ثلاث خطوات أو أكثر فهو ليس بمريض في حكم التصرفات ; لأنه اعتبر أن يكون صاحب فراش وصاحب الفراش قد يمشي بنفسه لجنايته ، وقد يتكلف بخطوات يخطوها فلا يخرج به من أن يكون مريضا .