( باب المقتول عمدا وعليه دين ) ( قال رضي الله عنه الأصل في مسائل هذا الباب أن نفس المقتول من جملة تركته في قضاء ديونه وتنفيذ وصاياه منه سواء كان واجبا بنفس القتل أو عند عفو بعض الشركاء عن القصاص ) ; لأن البدل يملك بملك الأصل والحق في نفسه له فكذلك فيما يجب بدلا عن نفسه ، وأصل آخر ، وهو أن الدين يقضى عن أيسر المالين قضاء لأن حق الغريم مقدم على حق
[ ص: 38 ] الوارث فلا يسلم للوارث شيء من التركة إلا بعد الفراغ من الدين ، وأصل آخر أن التركة تقسم بعد قضاء الدين وتنفذ الوصية على الورثة على ما كان يقسم عليه إن لم يكن هناك دين أو وصية لأن ضرر قضاء الدين وتنفيذ الوصية يكون على الورثة بقدر أنصابهم ويجعل المستحق بالدين والوصية كالمتأدى من التركة والأصل في المال المشترك أن ما ينوي منه ينوي على الشركة وما يبقى على الشركة إذا عرفنا هذا فنقول
رجل قتل عمدا وترك ألف درهم وترك ابنين فعفى أحدهما ، وعلى المقتول دين ألف درهم ، فقد سقط القود عن القاتل بعفو أحد الابنين ; لأنه لا حق للغريم في القصاص فإن حقه في المال
والقصاص ليس بمال فصار عفو أحد الابنين كما لو لم يكن على المقتول دين وانقلب نصيب الآخر مالا ، وذلك خمسة آلاف درهم لأنه تعذر على الآخر استيفاء القصاص لمعنى من جهته مع بقاء المحل ، فإذا قبض الخمسة آلاف ضم ذلك إلى الألف المتروكة فيكون تركته ستة آلاف يقضى منها دين المقتول ، وهو ألف درهم ويقسم ما بقي بين الاثنين على اثني عشر سهما سهم للمعافي وأحد عشر سهما للذي لم يعف ; لأنه لو لم يكن هنا دين كان قسمة التركة سهما هكذا فإن الخمسة آلاف كلها حق الذي لم يعف ، والألف المتروكة بينهما نصفان للمعافي من ذلك خمسمائة درهم ، فإذا جعلت كل خمسمائة سهما صار حق الذي لم يعف أحد عشر سهما وللمعافي سهم واحد فذلك بعد قضاء الدين فقسم ما بقي بينهما على هذا . وكذلك لو كان الدين أكثر من ذلك بأن
كان الدين ثلاثة آلاف ، وقد أوصى لرجل بألف أيضا فإنه بعد قضاء الدين فيأخذ الغريم كمال حقه من التركة بعد قضاء الدين ثلاثة آلاف ومقدار وصيته خارج من ثلثه فينفذ له ، ثم ما بقي بين الابنين على اثني عشر سهما لما بينا ، وهذا لأن حق الغريم والموصى له لا يتعلق بالقصاص ; لأنه ليس بمال ، فإذا انقلب مالا تعلق به حقهما لكونه محلا لإيفاء حقهما منه .