( باب الإقرار بشيء بغير عينه ) ( قال رحمه الله ) وإذا
أقر الرجل لرجل بشاة من غنمه صح إقراره ; لأن المقر له معلوم ولا تأثير لجهالة المقر به بالمنع من صحة الإقرار لأنها جهالة مستدركة بإجبار المقر على البيان ، فإذا ادعى المقر له شاة بعينها ، فإن ساعده المقر على ذلك أخذها ، وإن أبى ذلك لم يأخذها إلا بإقامة البينة ; لأن المقر بها منكر والمدعي معين ، والمنكر غير المعين فلا يأخذها إلا بإقامة البينة عليه أو سكوت المدعى عليه بعد استحلافه ، ولكنه بدعوى هذه الشاة صار كالراد لإقراره فيما سواه ، فإذا حلف المدعى عليه في هذه الشاة لم يبق للمدعي خصومة بسبب ذلك الإقرار ، فإن ادعى المقر له شاة بغير عينها أعطاه المقر أي شاة شاء من غنمه بذلك ; لأنه أبهم الإقرار فكان
[ ص: 60 ] الخيار إليه ، وبيانه مطابق للفظه فكان مقبولا منه ، وإن حلف المقر على كلهن لم يقبل ذلك ويجبر على أن يعطيه شاة منها ; لأن الاستحقاق بالإقرار ، ثم بتصديق المقر له فيما أقر به فلا يبطل ذلك باليمين الكاذبة بخلاف الأول فإن المقر له هناك صار رادا لإقراره فيما سوى التي عينها ، وإقراره غير موجب استحقاق تلك الشاة بعينها .
وإن لم يعين واحد منهما شيئا منها ، وقال : لا أدري أو رجع المقر عن إقراره وجحد فهو شريكه فيها ، فقد جمع في السؤال بين الفصلين وأجاب عن أحدهما ، وهو ما إذا قال لا أدري فهناك تكون الشركة بينهما ثابتة لاختلاط ملك أحدهما بالآخر على وجه يتعذر تمييزه حتى إذا كانت الغنم عشرا فله عشر كل شاة ، وإن ماتت شاة منها ذهبت من مالهما ، وإن ولدت شاة منها كان لهما جميعا على ذلك الحساب هذا هو الحكم في المال المشترك أن الزيادة لهما والهلاك عليهما ، فأما إذا جحد المقر أصلا ومنع الغنم فهو ضامن لنصيب المقر له حتى إذا هلكت شاة منها ضمن مقدار نصيب شريكه منها ، وهو العشر ، وإن مات المقر فورثته في ذلك بمنزلته ; لأنهم خلفاؤه في ملكه ، وإنما كان الشأن للمقر لاختلاط ملكه بملك غيره وورثته في ذلك بمنزلته إلا أنهم يستحلفون على العلم لأن يمينهم على فعل الغير ، وأنواع الحيوان والرقيق والعروض في هذا مثل الغنم .