صفحة جزء
ولو قال إن لفلان عينا ألف درهم ، ولم يسم أحدا ، ثم قال عنيت فلانا وفلانا لزمه المال كله إن ادعاه الطالب عليه عندنا ، وعند زفر رحمه الله لا يلزمه إلا حصته ; لأن إقراره بلفظ الجمع وحقيقة لفظ الجمع لا تتناول المفرد فكان القول قوله في بيان العدد الذي تضمنه الإقرار ; لأن إبهام العدد في المقر عليه بمنزلته في المقر به فيرجع في بيانه إليه وكنا تركنا هذه الحقيقة لدليل عرف الناس فقد يخبر الواحد عن نفسه بعبارة الجمع تارة وبعبارة المفرد أخرى .

( ألا ترى ) أن العظماء من الناس يقولون فعلنا كذا وأمرنا بكذا ونحن نقول كذا وإنما يريدون أنفسهم ويؤيد هذا قوله تعالى { ثم إن علينا بيانه } وقوله تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر } وقوله تعالى { إنا نحن نحيي ونميت } وقوله تعالى { وإنا له لحافظون } ، فإذا كان عرف ظاهر جعلناه بهذا اللفظ مخبرا عن نفسه فيلزمه المال . وكذلك لو قال علينا وأشار بيده إلى نفسه وإلى آخرين معه ; لأن الإقرار إنما يحصل بلفظه لا بإشارته فوجود هذه الإشارة كعدمها إلا أن يكون معه رهط قعود ، فقال لفلان علينا جميعا أو علينا كلنا وأشار إلى نفسه وإليهم فحينئذ لا يلزمه إلا حصته على عدد القوم الذين معه ; لأنه قرن بكلامه لفظا يمنعنا أن نحمل كلامه على الإخبار عن نفسه خاصة ، وهو قوله كلنا فعرفنا أنه مضيف الإقرار إلى نفسه وإلى القوم الذين هم جلوس معه ، وقد أظهر ذلك بإشارته إليهم فلم يلزمه إلا حصته بخلاف ما سبق .

التالي السابق


الخدمات العلمية