ولو
وكله بتقاضي دين له بشهود ، ثم غاب فشهد ابنان للطالب : أن أباهما قد عزله عن الوكالة وادعى المطلوب شهادتهما جازت شهادتهما ; لأنهما يشهدان على أبيهما للمطلوب ، فإن العزل إذا ثبت لم يكن المطلوب مجبرا على الدفع إلى الوكيل ، وشهادتهما على أبيهما مقبولة ، وإن لم ندع شهادتهما أجبر على دفع المال إلى الوكيل ; لأن الوكالة ظاهرة ، فجحوده العزل إقرار بثبوت حق القبض له في ماله ، وذلك صحيح .
وبهذه المسألة يتبين أن الوكيل بالتقاضي له أن يقبض كالوكيل بالخصومة ، بخلاف ما ظنه بعض أصحابنا - رحمهم الله - حيث جعلوا الوكيل بالتقاضي حجة
nindex.php?page=showalam&ids=15922لزفر - رحمه الله - في الخلافية ، وتكلفوا للفرق بينهما ، وكذلك شهادة الأجنبيين في هذا ، فإن جاء الطالب بعد دفع المال فقال : قد كنت أخرجته من الوكالة
[ ص: 22 ] فأنا أضمن المطلوب ; لأن دفعه إليه بإقراره ، فإن كان الشاهد على العزل أمين الطالب لم يكن له أن يضمن المطلوب شيئا ; لأن شهادتهما الآن لأبيهما على المطلوب ، فإن أصل الوكالة ثابت ، وذلك يوجب براءة المطلوب بالدفع إلى الوكيل ما لم يثبت العزل ; فلهذا لا تقبل الشهادة .
وإن كان
الشاهدان على العزل أجنبيين فقد ثبت العزل بشهادتهما ، وكان للطالب أن يرجع بماله على المطلوب إذا شهد أن الوكيل علم بالعزل ، وإن شهد الابنان قبل قدوم أبيهما : أن أباهما قد أخرج هذا من الوكالة ووكل هذا الآخر بقبض المال ، وإن أقر المطلوب بذلك دفعه إلى الآخر لإقراره بثبوت حق القبض له في ملكه ، لا بشهادة الابنين بالوكالة له ، وإن جحد دفعه إلى الأول ; لأن وكالته ثابتة ولم يثبت العزل بشهادتهما حين أنكره المطلوب ، فكان مجبرا على دفع المال إليه .