قال : وإذا كان
الصبي في حجر ذي رحم محرم يعوله ، وليس بوصي له لم يجز عليه بيع ، ولا شراء ، ولا خصومة ، ولا غير ذلك ; لأن نفوذ هذه التصرفات يعتمد الولاية ولا ولاية له على اليتيم ، فلا ينفذ تصرفه فيما سوى إجارته ، وقبض الصدقة ، والهبة له استحسانا ، أما إجارة نفسه ففي القياس لا يجوز ; لأنها تعقد على منافع نفسه ، ويلزمه بحكم ذلك العقد تسلم نفسه ، ولا ولاية له عليه في ذلك ، ولكنه استحسن فقال : المقصود من هذه الإجارة أن يتعلم الصبي ما يكتسب به ; إذا احتاج إليه وهو منفعة محضة له ، لو أراد من يعوله أن يعلمه ذلك بنفسه ويستخدمه في ذلك ليتعلم جاز ذلك ، فكذلك له أن يسلمه إلى غيره ليعلمه ذلك من غير عوض يحصل له ، فإذا أجره لذلك لحصل له عوض بإزاء منافعه ، فكان إلى الجواز أقرب ، وإلزام التسليم بحكم هذا العقد فيه منفعة لليتيم لأنه يبقى محفوظا بيد من يحفظه ، وهو محتاج إلى الحافظ ، فإذن قبض الهبة والصدقة لا يستدعي الولاية ، ألا ترى أن القبض للصبي ، وله أن يقبض بنفسه ، إذا كان يعقل ذلك هو ; لأنه محض منفعة لا يشوبها
[ ص: 31 ] ضرر ، ولا معتبر بالولاية فيه ، ألا ترى أن من يعوله يحفظه ، ويحفظ ما معه من ماله ، فكذلك يحفظ ما يوهب له ولا يتأتى ذلك إلا ببينة ، وإن أجر عبده أو دابته لم يجز ; لأن الإجارة نوع بيع يعتمد الولاية ، ولا مقصود فيه سوى أسباب المال فيكون بمنزلة بيع الرقبة