وإذا
ادعى المدعي ألف درهم وقال سله أيقر بمالي أو ينكره فإنه ينبغي للقاضي أن يسأله عن ذلك ليعلم المدعي أنه بماذا يعامله الناس . فإن أنكر قال للمدعي : أحضر بينتك ، وإن لم يقر ولم ينكر ; قال للمدعي : أحضر البينة لأن الساكت بمنزلة المنكر ، وإن لم يكن للمدعي بينة وطلب يمينه فإن كان أنكر استحلفه القاضي له وإن لم يقر ولم ينكر . فقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أن القاضي لا يستحلفه ولكن يحبسه ليتجنب خصمه لأن الاستحلاف لترجح جانب الصدق في إنكار المدعى عليه ، فلا معنى للاشتغال به قبل إنكاره وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله أن القاضي يستحلفه لأن سكوته قائم مقام الإنكار شرعا حتى يقبل عليه البينة بعد سكوته فكذلك يعرض اليمين على الساكت حتى يقضي عليه بالنكول لحق المدعي ولا ينبغي للقاضي أن يحبسه حتى يقر أو ينكر ولا يجبره على ذلك لأنه ما ثبت عليه شيء بمجرد سكوته ، فلا يعاقبه بالحبس .
والمقصود حاصل من غير أن يجبره على الإنكار لأن سكوته قائم مقام إنكاره فإن المنكر ممتنع ، والساكت كذلك ، وإن
قال المطلوب للقاضي : سل الطالب من أي وجه يدعي على هذا المال سأله من غير أن يجبره على ذلك فإن
[ ص: 79 ] أبى أن يبين وجهه سأله البينة لأنه بدعوى المال قد تم ما كان محتاجا إليه من جانبه وربما يضره بيان الجهة وليس للقاضي أن يجبر أحدا على ما يضره ولا أن يحبسه إذا امتنع من ذلك ، ولكن يسأله البينة فإن لم تكن له بينة استحلف المطلوب بالله ماله قبله هذا الحق ولا شيء منه فإن حلف دعا المدعي ما على شهوده وفي هذا بيان ما : أن للمدعي أن يستحلف الخصم وإن كان شهوده حضورا ، وهو قولهما فأما عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فلا يستحلفه إذا زعم المدعي أن شهوده حضور . هكذا ذكره في النوادر ; لأن مقصود المدعي من ذلك هتك ستر المدعى عليه وافتضاحه .