ولو
استودع رجل رجلا عبدا فجحده ذلك وأخذ منه كفيلا بنفسه وبالعبد فمات العبد وأقام رب العبد البينة أنه استودعه وقال : لا أدري ما كانت قيمته يوم كفل به الكفيل فالمستودع ضامن لقيمته يوم استودعه على ما شهدت
[ ص: 123 ] الشهود ; لأنه ثبت وصوله إلى يده وعلى هذه القيمة . والجحود موجب عليه ضمان تلك القيمة باعتبار تلك اليد ولا يضمن الكفيل من قيمته إلا ما يقر به بعد أن يحلف ; لأن الكفيل إنما يضمن بعقد الكفالة لاعتبار يد المستودع ولم يثبت بالبينة مقدار قيمته عند الكفالة ولكن ما عرف ثبوته فالأصل بقاؤه وهذا نوع من الظاهر يصلح حجة لدفع الاستحقاق لا لإثبات الاستحقاق فلهذا لا يضمن الكفيل من قيمته إلا ما يقر به بعد أن يحلف ولو
كان العبد يوم اختصموا فيه أعمى وجحده المستودع فشهد الشهود أنه استودعه وهو صحيح يساوي ألفا فكفل به الكفيل وهو أعمى فرفعوه إلى القاضي وهو كذلك ثم مات في يد المستودع وزكى شهوده فالمستودع ضامن قيمته أعمى على الحال الذي جحد فيها وكذلك الكفيل ; لأن المستودع إنما يصير ضامنا عند الجحود وقد علم القاضي تغيره عن القيمة التي شهدت بها الشهود فلا تعتبر تلك القيمة في القضاء عليه بخلاف الأول .
( ألا ترى ) أنه لو علم هلاكه قبل الجحود ; لم يضمنه شيئا ، ولو لم يعلم بذلك ; ضمنه قيمته . فكذلك إذا علم فوات جزء منه ، وكذلك لو لم يعلم ولكن السوق اتضعت ، وجحده يوم جحده وهو يساوي خمسمائة وعلم ذلك القاضي لم يضمنه إلا قيمته خمسمائة ، ولو لم يعلم ذلك ضمن المستودع ألف درهم كما شهد به الشهود ، ولم يقبل منه بينة على اتضاع السوق ; لأن المقصود بهذه البينة النفي والبينات للإثبات لا للنفي .
( ألا ترى ) أنه بعد ما جحد لو قال : قد مات العبد ; لم ألتفت إلى قوله ولم أقبل منه بينة عليه ; لأن المقصود بهذه البينة نفي الضمان عنه إلا أن يعلم القاضي أنه مات قبل جحوده أو يقر الخصم به