وإذا
كفل المريض بمال ثم مات ولا دين عليه لزمه من ثلثه ; لأن الكفالة تبرع وتبرعات المريض تصح من ثلثه إذا لم يكن عليه دين ، وإن
أقر أنه كفل به في الصحة ; لزمه ذلك في جميع ماله إذا لم يكن لوارث ولا عن وارث ; لأن الكفالة في الصحة سبب لوجوب الدين عليه وإقراره في المرض بسبب وجوب الدين مضافا إلى حال الصحة يكون إقرارا بالدين . وإقرار المريض للأجنبي بالدين صحيح وللوارث باطل ، وإن كان عن وارث فهذا قول من المريض فيه منفعة وارثه . والمريض محجور عن مثله ، وإن كان عليه دين يحيط بماله لم يجز إقراره بذلك ; لأن دين الصحة متقدم على ما أقر به في المرض فما بقي دين الصحة لم يعتبر إقراره بالدين في المرض ، وإذا كفل في الصحة بما أقر به فلان لفلان ولم يسمه ثم مرض وعليه دين يحيط بماله فأقر المكفول عنه أن لفلان عليه ألف درهم لزم المريض ذلك في جميع ماله ; لأن سبب وجوب المال قد تم منه في حال الصحة وهو الكفالة ، والدين الواجب عليه بذلك السبب بمنزلة دين الصحة ، وكذلك إن أقر بعد موته فإن المقر له يخلص غرماء الكفيل بذلك
[ ص: 128 ] لأن أصله كان في الصحة وكان قد لزم على وجه لا يملك الرجوع عنه وإبطاله ، وكذلك لو كفل بما ذاب لفلان على فلان أو بما صار له عليه ، وكذلك لو كان لوارث أو عن وارث أو لوارث عن وارث ; لأنه كان في الصحة وهو بمنزلة ضمان الدرك فإنه لو كفل في صحته بما أدركه من درك في دار اشتراها ثم استحقت الدار في مرض الكفيل أو بعد موته فإن المشتري يضرب مع غرماء الكفيل الميت بالثمن ; لأن أصل الدين كان في الصحة بخلاف الكفالة في المرض .
وإن
كفل في المرض وليس عليه دين ثم استدان دينا يحيط بماله ثم مات فالكفالة باطلة ; لأن ما لزمه في المرض من الدين بسبب معاين بمنزلة دين الصحة وقد بينا أن الكفالة في المرض لا تصح إذا كان دين الصحة محيطا بماله وإذا
كفل رجل لرجلين وقال : قد كفلت لفلان بماله على فلان ، أو كفلت لفلان الآخر بماله على فلان ; فهذا باطل سواء كان المالان من جنس واحد أو من جنسين ; لأن المكفول له والمكفول عنه مجهول فتكون الجهالة متفاحشة وقد بينا أن مثل هذه الجهالة تمنع الكفالة