وفي الحقيقة الخلاف بيننا وبين
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ينبني على
الإبراء عن الحقوق المجهولة بعوض وهو لا يجوز عنده ; لأن معنى التمليك يغلب في الصلح فيكون كالبيع وجهالة المبيع تمنع صحة البيع فكذلك جهالة المصالح عنه وعندنا ذلك جائز بعوض وبغير عوض واعتمادنا فيه ما روي {
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث nindex.php?page=showalam&ids=22خالدا إلى بني جذيمة داعيا لا مقاتلا وبلغه ما صنع nindex.php?page=showalam&ids=22خالد أعطى nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله عنه مالا وقال : ائت هؤلاء القوم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك وأدهم كل نفس ذا مال فأتاهم nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ووداهم حتى ميلغة الكلب فبقي في يده مال فقال هذا لكم مما لا تعلمونه أنتم ولا يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال صلوات الله عليه وسلامه أصبت وأحسنت } فذلك تنصيص على جواز الإبراء عن الحقوق المجهولة بعوض {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81323وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين اختصما إليه اذهبا تحريا وأقرعا وتوخيا واستهما ، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه } وهذا إبراء عن الحق المجهول والدليل عليه أن الجهالة إنما تؤثر ; لأنها لا تمنع التسليم والمصالح عنه لا يحتاج فيه إلى التسليم فالجهالة فيه لا تمنع صحة الصلح ففي بيان قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أجوز ما يكون الصلح على الإنكار قد طعن في هذا اللفظ بعض الناس
وقال : الاختلاف في الصلح على الإنكار اختلاف ظاهر فكيف يكون المختلف فيه أجوز من المتفق عليه ولكنا نقول مراده أنه أنفذ وألزم فالصلح مع الإقرار يفسد بأسباب لا يفسد الصلح مع الإنكار بذلك السبب أو مراده أنه أكثر ما يكون بين الناس ; لأنه إذا وقع الإقرار استوفى المدعي حقه فلا حاجة إلى الصلح وإنما الحاجة إلى ذلك عند الإنكار ليتوصل به المدعي إلى بعض حقه أو مراده أن ثمرة الصلح قطع المنازعة وذلك عند الإنكار أظهر ; لأن مع الإقرار لا تمتد المنازعة بينهما والعقد الذي يفيد ثمرته يكون أقرب إلى الجواز مما لا يكون مفيدا ثمرته ، ثم الصلح على الإقرار تمليك مال بمال فيكون بيعا
[ ص: 144 ] وهذا العقد اختص باسم فلا بد لاختصاصه بالاسم من أن يكون مختصا بحكم وذلك الحكم لا يكون إلا جوازه مع الإنكار فهو معنى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ثم اعلم بأن ما وقع عليه الصلح يكون عوضا من المدعي في حق المدعى بمنزلة العوض في البيع فكل ما يصلح أن يكون عوضا في البيع يصلح أن يكون عوضا في الصلح وقد بينا ذلك في البيوع والمصالح عليه يحتاج إلى قبضه فلا بد من إعلامه على وجه لا تبقى فيه منازعة بينهما ولهذا لا يثبت الحيوان فيه دينا في الذمة ولا يثبت الثياب فيه دينا إلا موصوفا مؤجلا كما في البيع