( قال رحمه الله : )
والصلح من كل جناية فيها قصاص على ما قل من المال أو كثر فيها فهو جائز لقوله تعالى : {
فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } ومعناه من أعطي له من دم أخيه شيء وذلك بطريق الصلح ولقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81329من قتل له قتيل فأهله بين خيرين إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا فادوا } والمفاداة بالصلح تكون ، ولا يتعذر بدل الصلح بالأرش عندنا خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله : وهي مسألة الديات ، واعتمادنا فيه على ما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81330أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالقصاص على القاتل } {
ولما رأى الصحابة رضي الله عنهم الكراهية في ذلك من وجهه صلوات الله وسلامه عليه صالحوا أولياء القتيل على ديتين واستحسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم } ولأن حق استيفاء القود قد يئول إلى المال عند تعذر الاستيفاء فيجوز إسقاطه بمال بطريق الصلح كحق الرد بالعيب بخلاف حد القذف ، فإنه لا يئول مالا بحال ، ثم البدل يكون في مال الجاني حالا ; لأنه التزمه بالعقد ولأنه وجب باعتبار فعل هو عمد وقال صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81332لا تعقل العاقلة عمدا ، ولا عيبا }
ولو
صالحه من الجرح أو الجراحة أو الضربة أو القطع أو الشجة أو اليد على شيء ، ثم برأ فالصلح جائز ; لأنه أسقط بهذه الألفاظ حقه بعوض ، وإن مات بطل الصلح في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله : وعليه القصاص في القياس ، وفي الاستحسان عليه الدية في ماله ، وإن آل الجرح إلى قتل كانت الدية على عاقلته وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله الصلح ماض ، ولا شيء عليه ; لأنه أسقط الحق الواجب له بالجراحة بالصلح وبعد الموت سبب حقه الجراحة كما بعد البرء وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله : هو إنما أسقط بالصلح قطعا أو شجة أوجبت له قصاصا وبالموت يتبين أن الواجب له القصاص في النفس لا القطع والشجة ، فكان هذا إسقاطا لما ليس بحقه فيكون باطلا ولهذا كان عليه القصاص
[ ص: 10 ] في النفس في القياس ولكنه استحسن فقال : يتمكن فيه نوع شبهة من حيث إن أصل القتل كان هو الشجة والقصاص عقوبة تندرئ بالشبهات ولكن المال يثبت مع الشبهات وأصل المسألة في العفو وموضع بيانها كتاب الديات ، ولو كان
صالحه عن ذلك وما يحدث منه كان الصلح ماضيا إن مات أو عاش ; لأن ما يحدث منه السراية يكون هو بهذا اللفظ مسقطا حقه عن النفس بعوض والقصاص في النفس ، وإن كان يجب بعد الموت ، فإنما يجب بسبب الجناية وإسقاط الحق بعد وجود سبب الوجوب قبل الوجوب صحيح ، وكذلك من الجناية صحيح إن عاش أو مات ; لأن اسم الجناية يعم النفس وما دونها حتى لو
قال : لا جناية لي قبل فلان ، ثم ادعى عليه النفس لم تسمع دعواه بخلاف ما لو قال : لا شجة لي قبل فلان والصلح باسم الجناية يكون مسقطا حقه برئ أو سرى ، فإن كان مريضا صاحب فراش حين صالح فهو جائز في العمد ، وإن صالحه على عشرة دراهم ; لأنه أسقط ما ليس بمال ، ولو أسقطه بغير عوض بالعفو لم يعتبر خروجه من الثلث ، فإذا أسقط بالصلح ببدل يسير أولى ، وفي الخطأ ما حط يكون من الثلث ; لأن الواجب الدية ، وهو مال فيكون ما حط وصية من الثلث ، ولا يقال هي وصية القاتل ; لأن الدية في الخطأ على العاقلة فيكون هذا منه وصية لعاقلة قاتله وذلك صحيح من الثلث .