وللأب أن
يصالح عن دم عمد واجب لابنه الصغير أو المعتوه على الدية ; لأنه متمكن من استيفاء القود الواجب لولده في النفس وما دون النفس كهو في حق نفسه ; لأن الولد جزء منه وولايته عليه فيما يرجع إلى استيفاء حقه ولاية كاملة تعم المال والنفس جميعا بمنزلة ولايته على نفسه ، فإذا جاز له أن يستوفي القود جاز صلحه بطريق الأولى ; لأن المقصود باستيفاء القود تشفي الغيظ وذلك يحصل للصبي في الثاني إذا عقل ، وإذا صالح على الدية تصل إليه منفعة في الحال ، ثم هو بالصلح يجعل ما ليس بمال من حقه مالا فيتمحض تصرفه نظير الصبي .
وإن
حط عنه شيئا من الدية لم يجز ما حط قل ذلك أو كثر ; لأنه فيما حط مسقط لحقه غير مستوف له ولاية الاستيفاء في حق الصغير ، وهذا بخلاف البيع ، فإنه لو باع ماله بغبن يسير جاز ; لأن البدل في البيع غير مقدر شرعا والقيمة تعرف بالحزر والظن والمقومون يختلفون فيها ففي الغبن اليسير لا يتيقن بترك النظر فيه بإسقاط شيء من حقه وهنا الدية مقدرة شرعا ، فإذا نقص عن المقدر شرعا فقد أسقط من حقه شيئا تيقن وذلك غير صحيح منه فعلى القاتل تمام الدية .