ثم ذكر
بعض مسائل الإكراه وأن الإكراه عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله لا يكون إلا من السلطان
وعندهما يكون من كل متغلب يقدر على إيقاع ما هدده به والصلح في حكم الإكراه كالبيع ، فإنه يعتمد تمام الرضا كالبيع وكما أن الإكراه بالجنس والمقيد بعدم الرضا في البيع فكذلك في الصلح .
ولو أن
قوما دخلوا على رجل بيتا نهارا أو ليلا فهددوه وشهروا عليه السلاح حتى صالح رجلا عن دعواه على شيء فهذا الصلح ينبغي أن يجوز في قياس قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه ليس بسلطان ، والإكراه عنده لا يتحقق إلا من السلطان ، وكذلك لو أكرهوه على الإقرار فإقراره جائز عنده
وعندهما إن كانوا شهروا عليه السلاح لم يجز صلحه وإقراره ; لأنه صار خائفا التلف على نفسه والسلاح مما لا يلبث ، وإن كانوا لم يشهروا عليه السلاح وضربوه وتوعدوه ، فإن كان ذلك نهارا في المصر فالصلح جائز ; لأنه يستغيث بالناس فيلحقه الغوث في المصر بالنهار قبل أن يأتوا على أحد فالضرب بغير السلاح مما لا يلبث عادة ، وإن كان ذلك ليلا في المصر أو كان في الطريق غير السفر أو دارا لم يجز الصلح والإقرار ; لأن اللبث بعيد فصار خائفا التلف على نفسه ، وكذلك إذا كان في بستان لا يقدر فيه على الناس فهو والمناداة فيه سواء ، وكذلك الغوث وعلى هذا لو أن الزوج هو الذي أكره في ذلك انتصافه في الصداق ; لأن الزوج ليس بسلطان ، فلا معتبر بإكراهه عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ،
وعندهما المعتبر خوفهما التلف كما ذكرنا . قال : ولو
توعدها بالطلاق أو بالتزويج عليها أو بالتسري لم يكن ذلك إكراها ; لأنه ما هددها بفعل متلف أو مؤلم بدنها إنما يغمها بذلك والإكراه بهذا القدر لا يتحقق .
وذكر في الأصل إذا
كان المدعي رجلين فأكره السلطان المدعى عليه على صلح أحدهما فصالحهما جميعا لم يجز صلحه مع من أكره على الصلح معه وجاز مع الآخر ; لأنه أنشأ الصلح مع كل واحد منهما ابتداء ، وهو راض بالصلح مع أحدهما غير راض به مع الآخر لأجل الإكراه ، وهذا بخلاف ما لو
أجبره على أن يقر لأحدهما [ ص: 60 ] بدين فأقر لهما بدين لم يجز الإقرار في حق كل واحد منهما ; لأن الإقرار إخبار منه عن واجب سابق ، ولم يصح في حق من أكره على الإقرار له فلو صححناه في حق الآخر فقبض نصيبه كان للآخر أن يشاركه في المقبوض ، ولو قلنا لا يشاركه كان هذا إلزام شيء سوى ما أقر به ; لأن هذا إقرار بدين مشترك بينهما فلهذا لا يجوز الإقرار بخلاف الصلح ، فإنه إنشاء عقد يمكن تصحيحه في نصيب أحدهما دون الآخر ، وهو نظير المريض إذا أقر لوارثه ولأجنبي لم يجز إقراره لواحد منهما ، ولو
أوصى لأجنبي ولوارثه بثلث ماله جاز في نصيب الأجنبي فهذا قياسه والله أعلم بالصواب