وإذا
رهن الرجل عدلا زطيا بألف درهم ، أو بمائة شاة ، أو عشرة من الإبل ، وسلمها إليه ثم قضاه بعض المال لم يكن له أن يقبض شيئا من الرهن حتى يقضي المال
[ ص: 110 ] كله ; لأن العقد منفعة واحدة ، وكل جزء مما يتناوله العقد يكون محبوسا بجميع الدين ، فما لم يقض جميع الدين لا ينعدم المعنى المثبت بحق الجنس في شيء من الرهن ، كما في البيع ، وكذلك إن
رهن مائة شاة بألف درهم كل شاة بعشرة ثم قضاه عشرة ، وفي ( الزيادات ) قال في هذه المسألة : يكون له أن يسترد أي شاة شاء قال
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : فما ذكر في ( الزيادات ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - وما ذكر في ( كتاب الرهن ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14330أبو بكر الرازي ينكر ما ذكره
الحاكم .
ويقول : قد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة في ( نوادره ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد مثل ما أجاب به في ( كتاب الرهن ) والصحيح أن المسألة على روايتين ، وجه هذه الرواية ظاهر : فإن المرهون محبوس بالدين كالمبيع بالثمن ثم في البيع لا فرق في حكم الحبس بين فصل الثمن ، والإجمال حتى أنه إذا اشترى شاتين بعشرة فنقده عشرة لم يكن له أن يقبض ، واحدة منهما ، وكذلك في الرهن فأما وجه الرواية : فالزيادات تفرق القيمة بتفرق الصفقة في الرهن بدليل أنه : لو
رهن عبدا بألف درهم كل نصف بخمسمائة لا يجوز ، ولو
رهن عبدا من رجلين نصفه من كل واحد منهما بدينه لا يجوز بخلاف حال الإجمال ، فعرفنا أن الصفقة تتفرق في باب الرهن بتفرق الثمن ، فكذلك رهن كل شاة بعقد على حدة بخلاف البيع ، فهناك بتفرق التسمية لا تتفرق الصفقة بدليل أنه لو باعه عبدين بألف كل واحد منهما بخمسمائة فقبل العقد في أحدهما دون الآخر لم يجز ، كما في حال الإجمال ، وهذا ; لأن البيع عقد تمليك ، والهلاك قبل القبض مبطل للبيع فبعد ما نقد بعض الثمن لو تمكن من قبض بعض المعقود عليه أدى إلى تفرق الصفقة قبل التمام بأن يهلك ما بقي ، فيفسخ البيع فيه بخلاف الرهن فإن الهلاك ينتهي حكم الرهن بحصول المقصود به ، كما أن بالافتكاك ينتهي حكم الرهن فلو تمكن من استرداد البعض عند قضاء بعض الدين لا يؤدي ذلك إلى تفرق الصفقة ; لأن أكثر ما فيه أن يهلك ما بقي فينتهي حكم الرهن منه ، فإن قيل هذا في حال الإجمال موجود ؟ قلنا : نعم ، ولكن في حال الإجمال حصة كل شاة من الدين غير معلوم متعين ، فأما عند التفصيل فما رهن به كل شاة معلوم بالتسمية فلهذا يمكن انفكاك البعض ، بقضاء بعض الدين به .
ولو
رهنه شاتين بثلاثين درهما إحداهما بعشرين ، والأخرى بعشرة ، ولم يبين هذه من هذه لم يجز الرهن لجهالة ما رهن به كل واحدة منهما ، وهذه جهالة تفضي إلى المنازعة ، فإن إحداهما لو هلكت ، وثمنها عشرون فالراهن يقول : هذه التي رهنتها بعشرين ، والمرتهن يقول : بل هذه بعشرة فإن بين كل واحد منهما كان جائزا ; لأن الرهن مع الدين يتحاذيان محاذاة المبيع مع الثمن ، وفي البيع
[ ص: 111 ] إذا عين ثمن كل واحدة منهما جاز العقد ; لانعدام الجهالة بخلاف ما إذا لم يبين فكذلك في الرهن ولو
ارتهن عبدا بألف : نصفه بستمائة ، ونصفه بأربعمائة ، أو كل نصف بخمسمائة لم يجز لتمكن الشيوع في الرهن باعتبار تفرق التسمية ، فإن كل جزء يصير محبوسا بما سمي بمقابلته .
وقد بينا أن الجزء الشائع لا يكون محلا لحكم الرهن ، وكذلك إن
قال لرجلين رهنتكما هذا العبد بألف لكل واحد منهما نصفه خمسمائة بخلاف ما إذا رهنه بدينهما مجملا ، فهناك جميع الرهن يصير محبوسا بدين كل ، واحد منهما ، فكذلك العين ، وعند تفرق التسمية إنما يثبت لكل واحد منهما حق الحبس فيما أوجب له نصفا ، وهو الجزء الشائع ، وقد قررنا أن العين لا تحتمل التجزؤ في موجب الرهن ، كالنفس في حكم القصاص ثم قد يثبت قصاص واحد لرجلين في نفس واحدة عند الإطلاق ولا يتصور أن يثبت نصف القصاص لكل واحد منهما في نفس واحدة على الانفراد ، فكذلك حكم الحبس في الرهن يجوز أن يثبت لشخص في عين واحدة على الانفراد ، فكذلك حكم الحبس في الرهن يجوز أن يثبت لشخص في عين واحدة عند الإجمال ، ولا يثبت لكل واحد الحق في النصف عند القبض .