وليس للراهن أن يزرع الأرض المرهونة ; لأن ذلك انتفاع منه بالمرهون وهو ممنوع من ذلك عندنا بحق المرتهن ، وكذلك لا يؤاجرها ; لأنه لما منع من الانتفاع بنفسه ، فلأن يمنع من تمليك منفعتها من غيره ببدل أولى ، وهذا ; لأنه بالإجارة يوجب للغير حقا لازما ، وفي تصحيحها إبطال حق المرتهن في استدامة اليد ، فإن فعل ذلك ، فالأجر له ; لأنه وجب بعقده بدلا عن منفعة مملوكة له ، وكذلك المرتهن لا يزرعها ; لأن الملك فيها لغيره فلا يزرعها ولا يؤاجرها بغير إذنه ، فإن فعل ذلك ضمن ما نقص من الأرض وتصدق بالأجر إن أجر ، ويفصل الزرع أما ضمان النقصان ، فلأنه بالزراعة متلف
[ ص: 164 ] جزءا منها .
وأما التصدق فلأنه فصل حصل له من ملك الغير بسبب حرام شرعا ، ولو
أذن له الراهن في الإجارة ففعل ، أو سلم المرتهن للراهن أن يؤاجر أو يرهن ففعل خرجت من الرهن ، ولا يعود فيه ; لأن الإجارة عقد لازم من الجانبين ويستحق به تسليم العين ، والرهن يتعلق به اللزوم في جانب الراهن وقد بينا : أن الشيء ينقصه ما هو مثله أو أقوى منه فمن ضرورة نفوذ العقد الثاني بطلان الرهن الأول ، ولو أعادها بإذن الراهن وقبضها المستعير خرجت من الرهن ما دامت في يد المستعير ، ولم يرد به خروجها من العقد ، وإنما أراد خروجها من الضمان الثابت بيد المرتهن ; لأن يد المستعير يد نفسه ، ولهذا يتقرر عليه ضمان الاستحقاق ، وتلزمه مؤنة الرد فباعتباره لا تبقى يد المرتهن ، وضمان الراهن باعتبار يد المرتهن ، فأما عقد الرهن فباق ; لأن الإعارة لا توجب حقا لازما للمستعير ، والشيء لا ينقصه ما هو دونه ، فلهذا لا يبطل الحق الثابت للمرتهن ، فيكون له أن يستردها متى شاء .
ولو
كانت جارية فولدت في يد المستعير كان الولد رهنا معها ، وللمرتهن أن يستردهما لما ، قلنا وكذلك إن
زرع المستعير الأرض بإذنهما فالإعارة لا تلزم بعد الزراعة ، كما كان قبلها .