صفحة جزء
ولو ارتهن عبدا يساوي ألفا فغصبه رجل فقتل عنده قتيلا خطأ ، ثم رده فغصبه آخر فقتل عنده قتيلا خطأ ثم رده فغصبه آخر فقتل عنده قتيلا خطأ ، ثم رده واختاروا دفعه فإنه يكون بين أصحاب الجنايات أثلاثا سواء ، حق أولياء الجنايات في رقبته بالاستواء في سبب الاستحقاق فإن كل واحد منهم لو انفرد كان مستحقا جميع نفسه بالجناية ، ولم يضمن الغاصب الأول ثلث قيمته ; لأن المدفوع إلى ولي الجناية الأولى استحق بسبب كان عند الأول ; فلهذا يضمن الغاصب الأول ثلث قيمته ، فيدفعها المولى ، والمرتهن إلى ولي القتيل الأول ثم يرجع على الغاصب الأول [ ص: 7 ] أيضا بمثله فيدفعه إلى ولي القتيل الأول ; لأن حقه ثبت في العبد فارغا وما سلم له إلا ثلثه ، فيرجع في بدله مرتين حتى يسلم له ثلثي القيمة ، وثلث العبد فارغ لم يرجع على الغاصب الأول بمثله ، فيكون رهنا في يده ويرجع على الغاصب الثاني بثلث قيمته ، فيدفع نصف ذلك إلى ولي القتيل الثاني ; لأنه حين جنى على وليه كان مشغولا بالجناية فإنما يثبت حق ولي الثاني في نصفه ، وقد سلم له الثلث ، فيرجع إلى تمام حقه ، وذلك نصف الثلث حتى يسلم له النصف ، ثم يرجع المرتهن على الغاصب الثاني بذلك فيجعل في يده ثلث القيمة مع ثلث الأول مرهونا ويكون على الثالث ثلث قيمته ، ولا يدفع إلى ولي القتيل الثالث ; لأنه حين جنى عليه كان مشغولا بجنايتين فإنما يثبت حقه في ثلث العبد وقد سلم له ثلثه ، فيجتمع في يد المرتهن قيمة كاملة ويكون رهنا مكان العبد .

وهذا التخريج إنما يستقيم على أصل أبي حنيفة وأبي يوسف ( رحمهما الله ) فأما عند محمد وزفر ( رحمهما الله ) : فيستوفى من الغاصب الأول من ثلث القيمة ولا يدفع شيء منه إلى ولي الجناية الأولى ; لأن رجوعه ببدل ما دفعه إلى ولي الجناية الأولى ، فكيف يجتمع البدل والمبدل في ملكه ؟ وبيان هذا الفصل : يأتي في ( كتاب الديات ) إن شاء الله تعالى ، وكذلك إن كان الغاصب واحدا ، فغصب ثم رد أو كان جنى هذه الجنايات في يده قبل أن يرد ، فالتخريج مثل ذلك أنه يغرم قيمته ، فيأخذ ولي القتيل الأول : ثلثها ، والثاني : سدسها ، ثم يرجع بذلك كله على الغاصب ، فيكون رهنا ; لأن المعنى في الكل واحد ، وفائدة وضعه في ثلثه من الغاصبين : إيضاح الكلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية