ولو
دفع إليه المال مضاربة بالنصف ولم يقل شيئا ثم قال بعد ذلك اشتر به البر وبع فله أن يشتري به غيره وليس هذا بنهي إنما هو مشورة كما لو قال عند الدفع : خذه مضاربة بالنصف واشتر به البر ، وإن قال رب المال دفعته إليك مضاربة في الطعام خاصة ، وقال المضارب في البر خاصة فالقول قول رب المال لاتفاقهما على تعيين مقتضى مطلق العقد بالتقييد ، وإن
أقام المضارب البينة أن رب المال دفع إليه المال وأمره أن يشتري ما بدا له ، وأقام رب المال البينة أنه نهاه أن يشتري به شيئا غير الطعام وقد وقتت البينتان فإنه يؤخذ ببينة الوقت الأخير ; لأنه لا تنافي بينهما فيجعل كأن البينتين صدقتا ، والقول الآخر ينقض الأول ; لأن النهي بعد الإذن صحيح والإذن بعد النهي عامل ، وإن لم توقت البينتان وقتا أو وقتت إحداهما دون الأخرى فالبينة بينة رب المال ; لأنه هو المحتاج إليها .
فإن القول قول المضارب لدعواه الإطلاق ; ولأن في بينة رب المال زيادة إثبات التقييد
، ولو كان ادعى كل واحد منهما شيئا خاصا وأقام البينة فإن وقتت البينتان أخذ بالوقت الأخير لما بينا أن الثاني ينقض الأول ، وإن وقتت إحداهما أو لم توقتا فالبينة بينة المضارب ; لأنه هو المحتاج إلى إثبات ما ادعاه بالبينة فإن القول قول رب المال في هذا الفصل