ولو
استأجر أجيرا يخدمه في سفره وفي مصره الذي أتاه ليخبز له ويطبخ ويغسل ثيابه ويعمل له ما لا بد له منه ، احتسب بذلك على المضارب ; لأنه لو لم يستأجر احتاج إلى إقامة هذه الأعمال بنفسه فإنه ما لا بد له منه ، وإذا عمل له أجيره ، تفرغ هو للعمل في مال المضاربة ، فكان في هذا الاستئجار منفعة للمضاربة .
وكذلك لو كان معه غلمان له يعملون في المال ، كانوا بمنزلته ، ونفقتهم في مال المضاربة ; لأن نفقتهم كنفقته وهم يعملون له في المال كما يعمل هو ، ومن يستحق نفقته على إنسان يستحق نفقة خادمه كالمرأة على زوجها ، إلا أنها لا تحتاج إلى الزيادة على خادم واحد في عملها للزوج في بيته ، وقد يحتاج المضارب إلى غلمان يعملون في المال معه ، فلهذا كانت نفقتهم في مال المضاربة وكذلك لو كان
للمضارب دواب يحمل عليها متاع المضاربة إلى مصر من الأمصار ، كان علفها على المضاربة مادام في عملها ; لأنها بالعلف تتقوى على حمل المتاع ، ومنفعة ذلك راجعة إلى مال المضاربة ، وإذا أراد القسمة ، بدأ برأس المال ، فأخرج من المال ، وجعلت النفقة مما بقي ، فإن بقي من ذلك شيء ، فهو الربح يقسم بين المضارب ورب المال على ما اشترطا .
وكذلك لو كان
أنفق في سفره من المال بعضه قبل أن يشتري به شيئا ، ثم اشترى بالباقي وباع وربح ، استوفى رب المال رأس ماله كاملا ; لأن ما أنفقه المضارب يجعل كالتاوي وقد بينا أن العقد يبقى في الكل بعد هلاك بعض رأس المال ، فيحصل جميع رأس المال ، وما بقي بينهما على الشرط .