وإذا
سافر المضارب بمال المضاربة فاشترى طعامه وكسوته ، واستأجر ما يركب عليه من ماله ; ليرجع به في مال المضاربة . فلم يرجع به حتى توي مال المضاربة
، ولم يرجع على رب المال بتلك النفقة ; لأن حقه كان في المال لا في ذمة رب المال ، وبهلاك المال فات محل حقه فيبطل حقه ; كالعبد الجاني ، أو المديون إذا مات .
ومال الزكاة إذا هلك ، لا تبقى الزكاة واجبة بعد هلاك المال .
وكذلك لو لم يكن نقد ماله في ذلك ، فكان ثمن الطعام والكسوة ، وأجرة الدابة دينا عليه ; لأنه التزمه بمباشرة سبب الالتزام ، فلا يستوجب شيئا من ذلك في ذمة رب المال ، وهذا بخلاف ما إذا
استأجر دابة ; ليحمل عليها متاع المضاربة ، أو اشترى طعاما للمضاربة ، فضاع المال قبل أن ينفذ فإنه يرجع بذلك على رب المال ; لأنه فيما يشتري للمضاربة عامل لرب المال بأمره ، فعليه أن يخلصه من عهدة عمله ، وذلك في رجوعه عليه بالثمن في الأجرة فيما تعذر إيفاؤه من المال الذي في يده .
فأما فيما يشتري أو يستأجر
[ ص: 72 ] لحاجة نفسه ، هو عامل لنفسه ، وهو فيما هو عامل لنفسه لا يستوجب الرجوع على رب المال بما يلحقه من العهدة ، وإنما كان يرجع في مال المضاربة ; لأن سعيه لأجل مال المضاربة ، وهذا لا يوجد في مال آخر لرب المال ، فلا يستوجب الرجوع في ذلك بعد هلاك مال المضاربة .