ولو
قال المضارب : شرطت لي النصف ، وقال رب المال : شرطت لك الثلث ثم هلك المال في يد المضارب فهو ضامن لسدس الربح ; لأنه ادعى تلك الزيادة لنفسه ، وقد كان أمينا فيه فيصير ضامنا بدعواه الأمانة لنفسه . ولو
وضع في المال ، ثم قال العامل : دفعته إلي مضاربة ، وقال رب المال : دفعته إليك قرضا فالقول قول رب المال ; لأن الإذن مستفاد من جهته فالقول قوله في بيان صفته ; ولأن العامل يزعم أنه كان نائبا عن رب المال في العمل ، ورب المال ينكر ذلك فالقول قوله ، وإن أقاما البينة فالبينة بينة رب المال أيضا ; لأنه يثبت ببينته سبب تمليك المال
[ ص: 94 ] منه بالعرض ، ووجوب الضمان دينا له في ذمته فكانت بينته أولى بالقبول ; ولأنه لا تنافي بين البينتين ، فالقرض يرد على المضاربة فيجعل كأنه دفعه إليه مضاربة ، ثم أقرضه منه ولا يمكن أن يجعل على عكس هذا ; لأن المضاربة لا ترد على القرض ، والقرض يرد على المضاربة .
ولو لم يكن عمل بالمال وضاع فالقول قول المضارب ; لأن رب المال يدعي عليه سبب الضمان ، والمضارب ينكر ، والبينة بينة رب المال لإثباته الضمان دينا في ذمة المضارب ، ثم الفرق بين هذا والأول أن في هذا الفصل تصادقا على أنه قبضها بإذن المالك ، وذلك غير موجب للضمان عليه ، فبقيت دعوى رب المال سبب الضمان ، وفي الفصل الأول عمل العامل في ملك الغير سبب موجب للضمان ، وقد ظهر ذلك فيحتاج إلى سبب مسقط للضمان عن نفسه ، وهو كونه نائبا عن المالك في عمله في المال مضاربة ، ولا يثبت هذا المسقط إلا بالبينة عن نفسه ولا يقال : تصادقا أن عمله حصل بإذن رب المال وتسليطه ، فلا يكون سببا لوجوب الضمان عليه ; لأن رب المال يزعم أنه عمل لنفسه في مال نفسه ، فإذا لم يثبت الملك له لا يكون هو عاملا بإذن رب المال كما أقر به ، فيبقى عاملا في المال بغير إذنه ، وذلك موجب للضمان عليه .