( قال رحمه الله ) : وإذا
دفع الرجل إلى رجل مالا مضاربة ، ولم يقل له : اعمل فيه برأيك ، فدفع [ ص: 132 ] المضارب المال إلى رجل وقال له : اخلطه بمالك هذا ، أو بمالي ثم اعمل بهما جميعا فأخذه الرجل منه ، فلم يخلطه حتى ضاع من يده فلا ضمان على المضارب ولا على الذي أخذه منه ; لأنه بمنزلة الوديعة في يده ما لم يخلطه ، والمضارب بمطلق العقد يملك الإيداع والإبضاع فلا يصير هو بالدفع مخالفا ، ولا القابض بمجرد القبض منه غاصبا ما لم يخلطه .
ولو
كان رب المال حين دفع إليه المال مضاربة قال له : شارك به فدفعه المضارب إلى رجل مضاربة جاز ، ولا ضمان على واحد منهما فيه ; لأن المضاربة في معنى الشركة ، فإنه إشراك للمضارب في الربح ، وبمطلق العقد إنما كان لا يملك الدفع مضاربة لمعنى الاشتراك للثاني في الربح .
( ألا ترى ) أنه يملك الإبضاع ، واستئجار الأجراء للتصرف فيه ، فإذا أذن له في الإشراك كان ذلك إذنا له في الدفع مضاربة ، وإذا اشترى الآخر به وباع فهو على المضاربة بمنزلة ما لو كان قال له رب المال اعمل فيه برأيك .