ولو
دفع إليه ألف درهم مضاربة بالنصف ودفع إليه ألفا أخرى مضاربة بالثلث أيضا ولم يقل في واحد منهما اعمل فيه برأيك فخلطهما المضارب قبل أن يعمل بشيء منهما ، ثم عمل فربح أو وضع فلا ضمان عليه ، والوضيعة على رب المال ; لأن المالين على ملك رب المال ، والمضارب أمين فيهما ، والأمين بخلط الأمانة بعضها ببعض لا يصير ضامنا ; لأن الخلط إنما يكون موجبا للضمان باعتبار أن فيه معنى الاستهلاك لمال رب المال ، أو معنى الشركة فيه ، وذلك لا يوجد إذا خلط بماله ماله ، فإن ربح في المالين ربحا قسما نصف الربح نصفين ، والنصف الآخر أثلاثا ; لأن نصف الربح حصة الألف المدفوعة إليه مضاربة بالنصف ، والنصف الآخر حصة الألف المدفوعة إليه مضاربة بالثلث ، فما يكون من ربح كل واحد منهما بعد الخلط معتبر به قبل الخلط .
وإن
ربح في أحدهما ووضع في الآخر قبل أن يخلطهما فالربح بينهما على الشرط ، والوضيعة على المال الآخر ، ولا يدخل أحد المالين في المال الآخر ، ذكر هذا في كتاب المضاربة الصغيرة ; لأن كل واحد من المالين في يده بحكم عقد على حدة ، وهو مختص بحكم ، فهو وما لو كانا من جنسين مختلفين سواء في أن الوضيعة التي تكون في أحدهما لا تعتبر كماله من ربح ماله الآخر ، فإن خلطهما بعد ذلك صار ضامنا للمال الذي وضع فيه ، ولا ضمان عليه في مال الآخر ; لأنه صار شريكا في المال الذي ربح فيه بمقدار حصته من الربح ، فإنما يخلط الذي وضع فيه بمال نفسه في مقدار حصته من الربح ، وذلك موجب الضمان عليه ، فأما المال الذي ربح فيه فإنما خلطه بمال رب المال ; لأن الذي وضع فيه كله لرب المال ، وقد بينا أن خلط رب المال
[ ص: 133 ] بماله لا يكون موجبا للضمان على المضارب ، فإن عمل بعد ذلك كان ربح المال الذي كان وضعه للمضارب يتصدق به ; لأنه بالضمان يملك ذلك المال فيملك ربحه أيضا ، ولكنه استفاده بكسب خبيث فيتصدق به ، وربح المال الآخر بينهما على الشرط ; لأنه أمين فيه ممتثل أمر رب المال في التصرف فيه .