إذا
دفع الرجل إلى رجل جراب هروي فباع نصفه بخمسمائة ، ثم أمره بأن يبيع النصف الباقي ، ويعمل بالثمن كله مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان ، فباع المضارب نصف الجراب بخمسمائة ، ثم عمل بها وبالخمسمائة التي عليه ، فالربح والوضيعة نصفان في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - ; لأن من أصله أن من قال لمديون : اشتر لي متاعا بمالي عليك لا يصح هذا التوكل ، فإذا اشترى المديون ; كان مشتريا لنفسه ، وهنا أمره إياه بالشراء بالخمسمائة التي هي دين عليه لا يصح ، فكان هو عاملا لنفسه فيما اشتراه بتلك الخمسمائة ، له ربحه وعليه وضيعته وأما عندهما فأمره المديون بالشراء بما عليه من الدين صحيح ، ذلك لا على وجه المضاربة ; لأن شرط صحة المضاربة أن يكون رأس المال أمانة في يد المضارب ، ولا يوجد هذا الشرط فيما هو دين في ذمته فكان نصف ما اشترى للآمر ، له ربحه وعليه وضيعته والنصف الآخر على المضاربة .
ولو
كان رب المال أمره أن يعمل بالمالين مضاربة على أن للمضاربة ثلثي الربح فعمل به ; كان للمضارب ثلثا الربح ; لأنه في النصف مشتر لنفسه فاستحق نصف الربح بذلك ، والنصف الآخر إنما دفعه إليه مضاربة بثلث ربح هذا النصف وذلك صحيح .
ولو
كان رب المال اشترط لنفسه الثلثين من الربح ، وللمضارب الثلث ، والمسألة بحالها ; كان الربح بينهما نصفين والوضيعة عليهما نصفين ; لأن من أصله أن المضارب صار مشتريا بالدين لنفسه ، فنصف الربح له باعتبار ملكه نصف المشتري ، وقد شرط رب المال لنفسه ثلث ذلك النصف من الربح ، وليس
[ ص: 140 ] له في ذلك النصف مال ولا عمل ; فلا يستحق شيئا من ربح ذلك النصف ; لأنه أسباب المعدوم ، فهو بمنزلة رجل دفع إلى آخر خمسمائة مضاربة بالنصف ، وأمره أن يخلطها بخمسمائة من ماله ، ثم يعمل بها على أن للمضارب ثلث الربح ، ولرب المال الثلثان فعمل بها فالربح بينهما نصفان ، فكذلك في الفصل الأول والله أعلم .